قال الداعية الإسلامي الحبيب علي الجفري إن الخطاب الديني أشبه بموضة العصر وأن للخطاب الديني ثلاث مستويات أولهم الجزء المتعلق بالغيبيات والذي يشتبك مع الفلسفة والجزء الثاني المتعلق بالأحكام الواجب والحرام والمباح والمستوي الثالث هو الحديث عن المغزي من وراء هذا كله أي حقيقة المعتقد والأحكام معني تردي الروح و الوقوف الجاد مع خبايا النفس ومصداقياتها وأن الجزء المتعلق بالسطح له 3 عناصر هى فهم الواقع وتفاعلات الواقع والعوامل المؤثرة فيه من الخيارات والمسارات التي تتعلق به.
وقال الجفري “مشكلة التطرف عندنا واقع كل من يحاول أن يتهرب منها أو يخلي مسئوليته عنها يغرد خارج السرب فالمؤثرات الخارجية لا تفلح في التأثير علي الواقع دون وجود عوامل داخلية تساعد علي ذلك؛ لذلك يجب ترك حالة النكران لدي الكثير من الشيوخ فأنا أقول نحن جزء من المشكلة”.
وأضاف “كذلك هناك مشكلة لدي المثقفين في الخمسين السنة الأخيرة كان فيها معترك حاميا بين ما يسمونه رجال الدين أو رجال الشريعة وبين العلمانيين أو المثقفين او الليبرالين وهذا المعترك تجاوز الاشتباك الفكري المحمود ليتحول الي ثأر.”
وتحدث الجفري عن المعركة بين الشيخ الغزالي والدكتور محمد عمارة في مقابل الدكتور فرج فودة في معرض الكتاب وقال تعليقا علي تلك المناظرة وتوابعها: “كانت مهزلة بكل ما تعنيه الكلمة لأن الغالب علي هذه المناظرة كان روح الجماهيرية البحته والصخب كأننا في مصارعة حرة أوغزوة بين مسلمين وكفار وكان هذا الجو في معرض الكتاب!، منذ ذلك الوقت ونحن نعيش حالة تصاعدية ثأرية، يجب الشعور بالمسئولية وخطورة المرحلة التي تتجاوز المعركة الفكرية”.
وأضاف “بعد أن انتهي عرض العضلات بسقوط الإسلاميين سياسيا وأخلاقيا جاءت المرحلة الثانية وهي أخذ الثأر الذي وصل إلى التعرض لبعض الأفكار التى جزء منها ثوابت وجزء منها بين الثوابت وبين ما يمكن النظر فيه لكن الطريقة طريقة ثأرية غاب فيها صوت العقل إلا من رحم ربي وهذا جزء من تصوير الواقع الذي نعيش فيه وهو أحد أوجه التطرف.”.
جاء ذلك ضمن فاعليات الصالون الثقافي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في يوبيله الذهبي في إطار ندوة بعنوان “مستقبل الخطاب الديني” بحضور الشيخ إبراهيم أبو الحسين الذي افتتح الندوة؛ مؤكدا أن الخطاب الديني في خطر وأن أي عالم اسلامي يريد أن يتطرق الى هذا المجال عليه أن يتسائل اذا ما كانت بلده تعاني من الإرهاب أم لا؛ فإذا لم تكن تعانى فليتكلم ويجتهد ويتعمق ويأتي بما عنده لكن إن كانت تعاني من الإرهاب خاصة وإن كانت بنسبة مرتفعة فلا دور له سوي المساهمة فقط فالحلول تأتي بمشيئة الله وبما يسره الله بقلب الولي ثم يأتي دور العالم ويعينه عليه.
وأكد الجفري خلال الندوة علي أن قرارات الدولة من أحد العوامل المؤثرة في الخطاب الديني قائلا “مثلا في بلدي اليمن حين تدعم الدولة تيارا لتضعف تيارا ثانيا ثم دعم تيار اخر لإضعاف ثالث وهكذا وهذا أحد العوامل المؤثرة بل حتي الرئيس السادات في معركته مع خصومه لعب هذه اللعبة ودفع ثمنها غاليا فإذا القرار وما يعنيه بالبناء لما هو قادم عن طريق الدراسة وتوجيه الإمكانيات لسنوات طويلة قادمة لذا إذا استمر العلماء ورجال الدين في “شغل الدراير” فلن يكون لهم دور في بناء المستقبل.”.
وأضاف” ما نعيشه هو ارتباك لا ينفصل عن ارتباك العالم، فالعالم كله يعاني من التطرف الديني لكن وسائل الإعلام تركز علي تطرفنا وهو ليس استهوان بمشكلتنا فنحن نحمل مسئولية التطرف كما سبق وذكرت لكن أيضا هناك تطرف في جميع الأديان مثلا اليهودية فالصهيونية إلي الآن هناك حاخامات يفتون بقتل النساء والأطفال الفلسطينين وبورما وبوذا وغيرها، أيضا هيروشيما وناكازاكي والنازية كلها أنظمة علمانية وليست دينية لكنها كلها متطرفة إذا النتيجة أن هناك مشكلة فلسفية تتعلق بتدرج الوعي البشري منذ الثورة البروستانتية.”.
وختم حديثه بأن مرحلة ما بعد الحداثة لم تدع شيئا لم تهدمه وهي في طريقها لهدم نفسها فالعالم وصل لمرحلة ما قبل الفراغ الفلسفى، فما بعد الحداثة لا تسقط بظهور حداثة جديدة وانما تسقط بعوامل الهدم الذاتي التي تملكها.