كتبت – أميرة دكروري
منذ انطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب لأول مرة، عام 1969، بدعوة من وزير الثقافة آنذاك، الدكتور ثروت عكاشة، الذي عهد بتنظيمه إلى الكاتبة سهير القلماوي، رئيس المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، والتي تغير اسمها فيما بعد للهيئة المصرية العامة للكتاب، أصبح واحدًا من أهم الأحداث الثقافية، خاصة وان نشأته كانت احتفاء بالعام “الألف” للقاهرة.
عُقدت الدورة الأولى بأرض المعارض في الجزيرة (المكان الحالي لدار الأوبرا المصرية)، بمشاركة 5 دول أجنبية وحوالي 100 ناشر، على مساحة 2000، وافتتح الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الدورة الأولى للمعرض، ليصبح الحدث الثقافي الأهم والأعرق عربيًا.
وعلى مدار 50 دورة، قدم المعرض المئات من الندوات والحلقات الثقافية، وساعد في إنعاش حركة الثقافة المصرية والعربية ككل، لكن هناك دورات شهدت أحداثًا بارزة خلال رحلته الطويلة، طوال نصف قرن.
مشاركة إسرائيل
من الأحداث التي ظلت محفورة في مسيرة المعرض، وتحديدًا في الدورة الـ13 ، التي أقيمت عام 1981، في الفترة من 29 يناير إلى 9 فبراير، مشاركة دولة إسرائيل بعد عقد اتفاقية السلام، بأمر من الرئيس الراحل أنور السادات، وافتتحت هذه الدورة السيدة جيهان السادات.
وواجهت هذه الدورة اعتراضات ضخمة ومظاهرات اجتاحت الجناح الإسرائيلي، بالرغم من حماية قوات الأمن له، وكانت مشاركة فاشلة، تكررت بعدها بأربعة أعوام، في العام 1985، عبر جناح أصغر في سرايا العرض فقط، ولكنها منعت تمامًا من المشاركة عام 1987.
لقاء “مبارك” الأول بالمثقفين
وزاد نشاط الندوات والأنشطة الثقافية والمعارض الفنية، بدءًا من عام 1986، إثر مشاركة الرئيس الأسبق، محمد حسنى مبارك، في المعرض للمرة الأولى، وعقده لقاءًا مع المثقفين استمر ساعتين، وواظب بعدها علي المشاركة في معرض الكتاب وافتتاحه بشكل دوري.
مناظرة الاغتيالات
وفي عام 1992، عُقدت أشهر المناظرات في تاريخ المعرض، وترتب عليها محاولتي اغتيال، حيث أعلنت الهيئة المصرية العامة للكتاب في الأول من يونيو عام 1992، أن هذا العام سيشهد مناظرات حول موضوعات شائكة في المعرض، تحت عنوان “مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية”، وكان أطراف المناظرة الشيخ محمد الغزالي، والمستشار محمد مأمون الهضيبي، والدكتور محمد عمارة، وفي مواجهتهم فرج فودة، رئيس حزب المستقبل آنذاك، والدكتور محمد أحمد خلف الله، العضو البارز بحزب التجمع، وانتهت المناظرة التي أدارها سمير سرحان، وحضرها ما يقرب من 30 ألف شخص، بتفوق فرج فودة على “الغزالي” بشكل واضح، ويقال إن يومها تقرر اغتيال كل من فرج فودة، الذي توفي بالفعل، والأديب نجيب محفوظ.
احتجاجات الإسلاميين
وشهد المعرض كذلك عددًا من الأزمات، مثل الاحتجاجات الشديدة من قبل الجماعات المتشددة عام 2000، ضد بعض المنشورات والكتب الصادرة عن دور نشر حكومية وخاصة، والتي تحولت إلى تظاهرات، كما تعرض بعض الناشرين وباعة الكتب إلى التضييق على كتبهم، ومنع بعضها من قبل الدولة عام 2005.
أول ضيف شرف.. وتصنيف عالمي
وفي 2006، بدأت إدارة المعرض باختيار دولة لتكون ضيف شرف المعرض، وكانت ألمانيا الدولة الأولى، وبدأت للمرة الأولى كذلك فعاليات الدائرة المستديرة، وتم تصنيف معرض القاهرة الدولي للكتاب ثاني أهم المعارض على مستوى العالم، بعد معرض فرانكفورت.
وفي 2010، اتخذ الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، قرارًا بهدم الجميع مباني أرض المعارض تمهيدًا لبيع الأرض لجهات استثمارية، ولهذا ظلت صالات عرض الكتب عبارة عن خيم و قاعات عرض مكشوف، لسنوات.
وطوال سنوات المعرض، لم يتوقف أو يتم تأجيل أي من دوراته، سوى في دورة واحدة فقط عام 2011، بسبب قيام ثورة 25 يناير، وعادت الدورات في الانتظام بدءًا من العام التالي.
مقر جديد
وشهدت الدورة السابقة نقل معرض الكتاب للمرة الثانية، حيث نُقل للمرة الأولى إلى أرض المعارض بمدينة نصر، وذلك عقب الحريق الكبير الذي حدث في دار الأوبرا الخديوية، بمقرها في حي الأزبكية عام 1971، ما أدى لتدميرها بالكامل بعد أن بلغ عمرها 102 عام، وتقرر فيما بعد بناءها من جديد لكن في مكان آخر، وعليه تم نقلها إلي مقر أرض المعارض بالجزيرة، الذي كان يقام به المعرض، وعليه انتقلت أرض المعارض لمقرها في مدينة نصر، عام 1980، ونقل إليها معرض الكتاب، لتنعقد أولى دوراته في المقر الجديد عام 1983، وهي الدورة التي حملت رقم الـ16، ليظل ينعقد دوريا هناك على مدار 35 عامًا، حتى عام 2018، ثم انتقل المعرض في يوبيله الذهبي، العام الماضي، إلى أرض المعارض الدولية بالتجمع الخامس.
“الكتاب ٥٠ +١”