كتبت: نادية البنا
بأناملها الناعمة، تتحسس “هناء عبد الله” عيدان البامبو بشغف وحرص، تمسك به كطفلة تحمل لعبتها الجديدة، وعلى شفتيها ترتسم بسمة أمل تكشف عن شغفها وحبها لعملها، وكلما غمرت عيدان البامبو في المياه، تزداد ملامحها البريئة وسامة وسعادة، لتبدأ في غزله كعازفة بيانو تعزف بمهارة، لتطرب آذان الجميع.
النور مكانه القلوب
في أحد أركان معرض الكتاب، وبالتحديد في جناح ذوي الإعاقة، تجلس سيدة أربعينية على مقعد، وأمامها طاولة وقالب خشبي وأعواد من البامبو، وبالرغم من تطور هذه المهنة، إلا أنها مازالت تعتمد على يديها وحسها الفني وفطرتها وخبرتها.
تجلس «هناء» بلا كلل ولا ملل، تمسك بشرائط البامبو، وللوهلة الأولى لا تشعر أنها كفيفة، فعملها لم يكن ليكون أكثر سرعة وإتقانا مما لو كانت مبصرة.
«هناء» التي فقدت بصرها، وهي لم تزل بعد 15 عاما، لم تستلم، وتحدت ظروفها الصعبة وامتهنت بمهنة شيقة، يراها المبصرون صعبة ودقيقة، فتعلمت صناعة «البامبو» في فترة وجيزة لم تتجاوز الشهر، وأتقنتها، وصنعت منها «معلمة بامبو» تصنع الأشكال المختلفة.
تقول هناء: «مراحل البامبو بسيطة وسهلة أولها هي تثبيت قالب خشبي على طاولة وعمل “تفريعة” وغمس العيدان في المياه، لتصبح أكثر رطوبة وليونة، ليسهل تشكيلها. بعد ذلك يتم ربط عيدان البامبو مع بعضها البعض بطريقة تشبه الغزل، ليصبح المنتج مستويًا وخاليا من العيوب».
ضمير أبلة هناء
«نستورد البامبو من أندونسيا والهند، لأن هذا النبات يزرع في الأماكن الحارة، ويحتاج لوفرة المياه، لذلك دائمًا ما أغمسه في المياه حتى لا يجرحني في يدي أو يسبب لي أي أذى»، هكذا وصفت هناء رحلتها ومشوارها مع صناعة البامبو. مضيفةً: «أتقاسم العمل بيني وبين زملائي، لإنتاج أكبر عدد من التصميمات والأشكال، وتختلف كمية الإنتاج شخص لآخر على حسب قدرته، فمثلًا أنا أستطيع إنجاز التصميم الواحد في خلال ساعة واحدة بضمير عال وإتقان، الكثيرات غيري من المبصرات والكفيفات لا يستطعن هذا».
وتتابع هناء: «صناعة البامبو تحتاج إلى السرعة والدقة والمهارة والتركيز، وبعد إثبات كفاءتي تم ترشيحي لتعليم الفتيات المستجدات للمحافظة على المهنة من الانقراض، والآن أنفذ العيد من التصميمات والأشكال المطلوبة مثل الباسكيت وفازوة الورد وعلبة المناديل وأطباق الفاكهة».