هيثم.. مدرس إنجليزي يطوف القرى بسيارته ليروي الحكايات للصغار
كرّمه حوار: غادة قدري
رحلات لا تنتهي في حياة هيثم السيد، مدرس اللغة الإنجليزية ابن قرية دومة، بمحافظة الشرقية، فهو لا يستريح منذ أكثر من 4 سنوات، يقوده شغفه للسفر والطواف في القرى والنجوع بسيارته الخاصة، بطول مصر وعرضها، يبحث عن الأطفال الفقراء ليروي لهم الحكايات والقصص، بصحبة فريقه من المتطوعين المتخصصين في الحكي والقراءة والرسم.
وقبل القيام برحلته، يستعد هيثم بجمع الكتب من المتبرعين ليوزعها على الأطفال، في إطار مشروعه “عربية الحواديت”، والتي تستهدف الأماكن التي لا توجد بها بيوت أو مراكز شباب تقدم نشاطًا ثقافيًا.
ورغم العثرات في طريق “عربية الحواديت” وقائدها، إلا أن بصيصًا من نور يبدو أنه يلوح في الأفق، فقد ربح مشروع “عربية الحواديت” جائزة وزارة الثقافة من معرض القاهرة الدولي للكتاب، كأحسن مبادرة العام الماضي، ونال تكريمًا رفيعًا من الرئيس عبدالفتاح السيسي في مؤتمر الشباب، ومؤخرًا حصدت مبادرته المركز الأول في جائزة الملتقى الكويتية للمبادرات الإنسانية، في دورتها الرابعة.
وعلاوة على ذلك، يشارك “السيد” بنشاط لجنة الطفل في معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ51، بفلسفته الخاصة المتطورة.
وفي هذا الحوار نتعرف على رؤية هيثم السيد في تعليم الأطفال واليافعين، وما سيقدمه في المعرض هذا العام، كما نستمع إلى أحلامه وأمنياته، والأزمات التي مازال يواجهها في حلمه “عربية الحواديت”.
هل هذه المرة الأولى التي تقدم فيها نشاطًا خاصًا بالطفل في معرض الكتاب؟
هذه ليست المرة الأولى، ففي العام الماضي شاركت بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي، من خلال سلسلة ورش للحكي لرواية “أنت البطل” التي كتبها الدكتور محمد فتحي، وهي تابعة للحملة التي دشنها لاعب الكرة العالمي محمد صلاح “أنت أقوى من المخدرات”، وكنت أحكي الرواية في جناح خاص لمدة 10 أيام في المعرض.
هذا العام أشارك في المعرض من خلال لجنة الطفل، وسأقدم ورش حكي لكتابي عن شخصية الدكتور جمال حمدان، وهو الشخصية الرسمية للمعرض هذا العام، الكتاب خاص بالمراهقين اليافعين من سن 13 إلى 17 سنة بعنوان “المهنة جغرافي”، من إنتاج الهيئة العامة للكتاب، وسيتم توزيعه على كل رواد المعرض مجانًا من الشباب والمراهقين.
وسأقدم أيضًا سلسلة ندوات مع بعض الكتاب المصريين المقيمين في الولايات المتحدة وفرنسا، ستكون عبارة عن سلسلة ورش تفاعلية بين الكاتب والمتلقي من أسر الأطفال والناشرين، وذلك لأن هذه الحلقة لابد أن تكتمل بين المؤلف والقاريء والناشر.
أخبرنا عن طبيعة الأنشطة التي ستقدمها للأطفال الأصغر سنًا هذا العام؟
اهتمامات الأطفال تغيرت عن السابق، لم تعد أنشطة التلوين والمكعبات جاذبة مثل الماضي، في العام الحالي ستكون معظم الورش تفاعلية، سيكون هناك رسامًا للكاريكاتير، يتولى تعليم الأطفال الرسم والتلوين، فالطفل لن يلون رسمًا جاهزًا، بل سيقوم بالرسم بنفسه ثم تلوينه.
وسيكون هناك ورش لإنتاج القصة، بدلاً من أن يجلس الطفل ليستمع إلى حكاية، سيشارك بأفكاره التي سنحولها إلى حكاية وصورة يقوم برسمها في نفس الورشة، ليخرج الطفل في النهاية بمنتج.
فلسفة لجنة الطفل هذا العام تتجه لأن يكون الطفل فاعلاً وليس مجرد متلقٍ، فهناك ركن لقراءة الأطفال، وسيتم مناقشة كل طفل بعد أن ينتهي من القراءة عن الكتاب الذي اختاره، وفي النهاية يلتقي بمؤلف الكتاب ويبدأ في مناقشته.
وما الجديد الذي تنوي إضافته لمشروع “عربية الحواديت”؟
حدثت أزمة بسبب إعلان شاركت به مع شركة “بانادول” العالمية، كانت الاتفاقية بيننا تشترط دعم الشركة لمشروع “عربية الحواديت” مقابل أدائي للإعلان، لكن ظهرت في الإعلان عربة عليها رسوم للفنان وليد طاهر.
حدثت سقطة كبيرة، لأن الشركة لم تحصل على إذن من الفنان وليد طاهر، لاستخدام وعرض رسمه على السيارة، وتم حل المشكلة وتغيير السيارة، لكن مع ذلك اتهمني البعض بانتهاك حقوق الملكية الفكرية واستغلال أفكار الآخرين، وهو ما أحزنني كثيرًا.
ورغم ما تعرضت له، كانت هناك مفاجأة مفرحة، إذ عرضت شركة اتصالات عالمية تصميم سيارة خاصة لمشروع “عربية الحواديت”، كمكتبة متنقلة مجهزة بشاشة عرض سينمائي ومقاعد يمكن أن تتسع لـ80 أو 90 طفلاً، هذا ما ننتظره قريبًا، وتحديدًا في شهر مارس المقبل.
وفي الفترة المقبلة سنستهدف مناطق بعيدة، مثل سيوة، ومحافظات الصعيد، مثل سوهاج وقنا.
هل هناك مصاعب أخرى يواجهها مشروعك؟
بالطبع، أي عمل تطوعي في مصر يواجه مشاكل التمويل، إلى الآن أقوم بتمويل مشروعي ذاتيًا من مالي الخاص، ولكني لم أعد قادرًا على الوقوف وحدي دون مساندة المتطوعين، والجمعيات مثل جمعية “معونة”، وبعض دور النشر المؤمنة بدورها المجتمعي، والتي تتبرع لنا بالكتب، لكن في الحقيقة هذه المساعدات لا تكفي أنشطتنا الكبيرة، فجولة واحدة في الأقصر أو أسوان لمدة 5 أيام قد تتكلف من 12 لـ15 ألف جنيه، تشمل إعاشة الفريق وأسعار الكتب والخامات والمواصلات الداخلية، وغيرها.
هذا شغفي ومتعتي، الذي تحول من مجرد الإيمان برسالة إلى جزء من حياتي العادية، لا يمر أسبوع دون أن ألتقي بالأطفال وأشاركهم القراءة والحكي والكتابة والرسم، هذا جزء ممتع جدًا من حياتي.
ما الحلم الذي تتمنى تحقيقه مع هذا الشغف؟
حلمي الكبير هو تقديم برنامج تلفزيوني للأطفال، برنامج متكامل يختلف عن الموجود حاليًا، لقد درست تربية وعلم نفس الطفل، كما أنني أكتب للأطفال، فهذا “ملعبي”، لديّ مشروع متكامل حول هذا البرنامج، وبالفعل كنت على وشك تقديمه مع إحدى القنوات، لكن للأسف وقفت أمامنا مشكلة المعلنين، فهم يتدخلون في فلسفة البرنامج.
أتمنى أن يتحقق حلمي يومًا ما على شاشة إحدى القنوات المحترمة، لتصل رسالتي إلى عدد أكبر من الأطفال، مثلما استطعت إلى مناطق بعيدة في قرى مصر.
أحمل على عاتقي هم الأطفال، لأن ما يقدم لهم على الشاشات حاليًا لم يعد يناسبهم، فالصغار حاليًا لا تجذبهم العرائس الماريونت مع تطور أذهانهم واستيعابهم للتكنولوجيا، لم يعد ممكنًا الآن تقديم محتوى سطحي يشبه برامج الأطفال في العقود السابقة.