قال تقرير دولى عن الاقتصاد الكلى بالشرق الأوسط، أصدرته سي آي كابيتال، نشر البنك المركزي مقتطفات منه مساء اليوم، إن هبوط أسعار النفط (انخفضت بنحو 60% منذ بداية العام وحتى الآن)، إلى جانب إغلاق الحدود، واضطراب معدلات الانتاج الرئيسية، أصبحت تلقي بظلالها على اقتصادات العالم. فمن بين الاقتصادات التي نقوم بتغطيتها، وجدنا أن إيرادات النفط والسياحة في السعودية قد تأثرت، لكن دورها الرائد في التحكم في أسعار البترول وخيارات التمويل المتاحة لديها خارج الميزانية، إلى جانب إمكانية إصدار أدوات الدين، كل هذه العوامل دعمت قدرتها على تحمل الضغوط الحالية.
وبحسب التقرير، جاء اعتماد الكويت في عائداتها بنسبة 70٪ على النفط ليجعلها أكثر عرضة للتأثر بالظروف الحالية خاصة وأنها لم تقم بإقرار قانون الديون لديها، في حين إن تعادل الميزان التجاري للمواد البترولية في مصر، إلى جانب تحرر ميزانيتها من غالبية عبء تكاليف دعم الطاقة يعد بمثابة خطوط حماية رئيسية لاقتصادها في ظل الظروف العالمية الحالية.
السعودية والكويت تخفضان النفقات الرأسمالية، التي تعد المحرك الرئيسي للناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
نتوقع أن يؤدي كل انخفاض قدره 10 دولارات للبرميل في أسعار النفط إلى زيادة العجز بموازنة السعودية واحتياجات التمويل لديها بمقدار 90 مليار ريال سعودي في عام 2020، وهو ما قد يدفع بنسبة العجز البالغ نحو 8٪ من الناتج المحلي الإجمالي، عند سعر 54 دولارًا أمريكيًا / برميل (المتوسط من بداية العام)، ويضع ضغوطا مالية على الحكومة تؤدي إلى تراكم المستحقات للقطاع الخاص وخفض الإنفاق على مشاريع الترفيه والتشييد والبنية التحتية، ومن ثم قمنا بخفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 1.1% في 2020 مقابل 3.3% في 2019،
بينما في الكويت، ستسجل الإيرادات في عام 2020 حوالي 12.69 مليار دينار كويتي مقابل المتوقع السابق في 2020 والبالغ نحو 18.01 مليار دينار كويتي على أساس سعر 54 دولارًا للبرميل.
وبناءً على ذلك، يمكن أن ينخفض الإنفاق الرأسمالي إلى 9.07% من إجمالي حجم الإنفاق، بدلا من 16.0% المدرجة في الميزانية، وهذا يعني استنفاد صندوق الاحتياطي العام على مدى عامين (لأول مرة في تاريخه) مقابل توقعاتنا البالغة 4 أعوام، ونرى أنه من المرجح أن يؤدي ذلك إلى تعجيل الموافقة على قانون إصدار الديون.
تأثير إجراءات التيسير النقدي يعد محدوداً بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، ولكن مصر لديها مساحة جيدة للتيسير مع حجم الاحتياطيات من العملات الأجنبية لديها والتي تعمل كحاجز أمان للجنيه المصري ضد الهبوط.
ومن الطبيعي أن تستفيد تكلفة الدين المحلي في مصر من انخفاض الفائدة (كل انخفاض بنسبة 0.5% يؤدي إلى توفير 5 مليار جنيه مصري على مستوى الموازنة)، ونتوقع أن تؤدي أحجام العملات الأجنبية في مصر التي تبلغ 30 مليار دولار أمريكي (الودائع غير المتضمنة في صافي الاحتياطيات الدولية أو صافي الأصول الأجنبية) إلى تقليص الضغوط في المدى القصير على الجنيه المصري..
وبافتراض سيناريو سلبي يتمثل في انخفاض عائدات السياحة بمقدار يتراوح بين 2.5 إلى 3 مليارات دولار أمريكي في الربع الثاني من عام 2020، إلى جانب خروج المزيد من استثمارات المحافظ الأجنبية، لتسجل حوالي 8 – 10 مليار دولار وذلك في الفترة من 20 فبراير حتى الآن (حسب معلومات السوق الخاصة بنا)، فإننا نرى أن هذا سيقابله انخفاضاً محتملاً في الاستيراد. وبالتالي سيتراجع منحنى التكلفة.
وقد سجل الميزان الخارجي للقطاع النفطي في مصر تعادلاً في النصف الأول من العام المالي 20/19، مما جعلها في مأمن من انخفاض أسعار النفط الذي كان له تأثير إيجابي غير مباشر على الميزان التجاري البترولي في العام الماضي.
فقد بلغت صادرات النفط 11.6 مليار دولار أمريكي، بينما بلغت الواردات 11.5 مليار دولار أمريكي على أساس سنوي للعام 20/19. بالإضافة إلى ذلك، فإن جميع المنتجات البترولية تقريبًا (أوكتان 95 و92 و90 والسولار) تباع بسعر يعادل نسبة 100% من التكلفة، باستثناء غاز البوتان، الذي خصصت الحكومة له دعمًا قدره 50 مليار جنيه في السنة المالية 19/20.
وجدير بالذكر أن هذا الدعم قد ينخفض إلى 37 مليار جنيه مصري، حيث كانت تقديرات الحكومة على أساس سعر للنفط يبلغ 65 دولارًا أمريكيًا / برميل بينما يبلغ المتوسط السنوي 54 دولارًا أمريكيًا / برميل، والذي يمكن أن ينخفض بشكل أكبر في الفترة المقبلة.
ومع ذلك، فإن انخفاض أسعار النفط يسمح للحكومة بتخفيض أسعار الطاقة المحلية بنسبة تصل إلى 10% وذلك في المراجعة القادمة نهاية مارس لأسعار البنزين طبقا لآلية التسعير التلقائي، وهذا من شأنه أن يساعد في احتواء جزئياً الضغوط التضخمية الأخرى التي قد تنشأ في الفترة المقبلة.
ونتيجة لذلك، نرى إمكانية تراجع مستويات التضخم لأقل من المتوقع البالغ 7-8٪ لعام 2020.
انخفاض تكلفة الاقتراض الحكومي؛ مكسب رئيسي قصير إلى متوسط الأجل ونتوقع أن يؤدي خفض معدلات سعر الفائدة الرئيسية إلى إعادة توزيع جزئي للسيولة لدى البنوك المحلية من ودائع مرتبطة بسعر الكوريدور (الرصيد الحالي يبلغ 592 مليار جنيه مصري) نحو سوق أدوات الدين المحلية.
يأتي ذلك في الوقت الذي حددت فيه وزارة المالية ميزانية السنة المالية 19/20 على أساس متوسط عائد يبلغ 15.5%. وبناءً على ذلك، مع توقع استمرار العائدات الحالية في نطاق 13.5% الى 14%، يمكن للحكومة أن توفر ما يصل إلى 20 مليار جنيه مصري، ومن الجدير بالذكر أننا نعتقد أن مصر لا تزال تقدم عائدا يعد من الأعلى بين الأسواق الناشئة، لأننا نرى أن عائدات السندات لم تعكس بشكل كامل الخفض الأخير لأسعار الفائدة.
البنك المركزي المصري ووزارة المالية يتحركان بشكل أساسي لتخفيف ضغط التدفقات النقدية للشركات
ستخفض البنوك التجارية معدلات الإقراض المتغيرة (الجزء الأكبر من قروض الشركات) على التسهيلات المستحقة بعد خفض سعر الفائدة بنسبة 3%، ومع ذلك، نعتقد أن البنوك يمكنها زيادة تكلفة المخاطر بشكل فردي على قروض جديدة (أي فروق الأسعار، وقد قفزت عقود مبادلة الائتمان لمدة خمس سنوات بنسبة 95% منذ 20 فبراير إلى 521 نقطة أساس، وعائد سندات اليورو بنسبة 3.2%.
مع الأخذ في الاعتبار أن الحفاظ على عائدات عقود مبادلة الائتمان يعد المفتاح لاستقرار العملة على المدى القصير، مدعومًا أيضًا بأسعار الطاقة المنخفضة.
إننا نرى أن البنوك الحكومية تحافظ على أسعار عقود مبادلة الائتمان، وتقدم ودائع لمدة عام واحد بفائدة تبلغ 15%، مما يحد من الضغط على الجنيه المصري، وسط الانخفاض المتوقع في عائدات السياحة وخروج تدفقات أخرى من قبل الأجانب من سوق أدوات الدين المحلي حيث أن مستوى الاحتياطيات الدولية في وضع جيد يسمح لها بالتغلب على هذه التدفقات الخارجة على المدى القصير إلى المتوسط، وسيقابل ذلك جزئيًا انخفاض الطلب المتوقع على الواردات في الفترة القادمة، كما ستعمل كأداة قوية يمكن أن تخفف من تقلبات العملة ليصبح التأثير ضئيلا على سعر الصرف.
بالإضافة إلى ذلك، فإن خفض الحكومة لأسعار الغاز الطبيعي هو مفتاح بقاء واستمرار الصناعات. ففي 17 مارس، أعلنت عن خفض كل من: 1) سعر الغاز الطبيعي بنسبة 25٪ لصناعة الأسمنت و18.2% لبقية الصناعات التحويلية الثقيلة و2) أسعار الكهرباء للصناعات التحويلية الثقيلة عالية جدًا وعالية ومتوسطة الاستخدامات بنسبة 9.1%.
وهذا من شأنه أن يقلل بشكل كبير من تكلفة الطاقة والنقل للشركات والمواطنين، كما نتوقع أن تثبت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي أسعار الفائدة في اجتماعها المقرر في 2 أبريل.
وبهدف تخفيف الآثار الاقتصادية السلبية وتعزيز الاقتصاد أطلقت السعودية ومصر حزم تحفيزية، تتضمن عدة إجراءات رئيسية منها تأجيل سداد القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة لمدة ستة أشهر، مع دفع البنوك لزيادة القروض الموجهة إلى القطاع الخاص، وخاصة القطاعات الأكثر تضررا، خلال الأشهر القادمة بأمان وبأقل الخسائر الممكنة،
كما قام كل من البنك المركزي المصري ومؤسسة النقد السعودي بتخفيض الرسوم على عمليات السحب من أجهزة الصراف الآلي ومعاملات نقاط البيع إلى 0%، لتشجيع الأفراد على التحول الى المعاملات عبر الإنترنت بدلاً من المدفوعات الورقية، كإجراء يساعد على الحد من انتشار الفيروس الناتج عن تداول النقد الورقي،
ونحن من جانبنا نعتبر هذه التدابير أساسية، وتساعد للشركات والأفراد على مواجهة الضغوط وتوافر السيولة، ونرى تأثير حظر التجول الحالي واحتياطات التباعد الاجتماعية تفوق التدابير المعلنة لتخفيف الضغط الاقتصادي على الإنفاق الاستهلاكي، كما أن هذه الإجراءات تدعم القطاعات الأكثر تأثرا، وخاصة قطاعات السياحة والبناء والتجارة والنقل،
وبالإضافة إلى ذلك فقد خصصت الحكومة المصرية 100 مليار جنيه لمكافحة الآثار الاقتصادية الناجمة عن انتشار فيروس كوفيد – 19، ووجه الرئيس السيسي البنك المركزي بضخ 20 مليار جنيه في سوق الأسهم.
والجدير بالذكر أن الكويت لم تقترح أي إجراءات رئيسية، وأعلن البنك المركزي الكويتي بوضوح أنه لا ينوي تقديم حزم إغاثة.