أخبار عاجلة

” أحْمِلُ قبْرَكَ على ظهري وأرحلُ ” قصيدة للشاعرة سهير الطويل

إهداء إلى روح الشاعر الأستاذ ” محمد ندا ”

أحْمِلُ قبْرَكَ على ظهري وأرحلُ

الظَّلامُ لا يُغنِّي في القبُورِ
صوتُ فيروزَ لن يعُودَ يسترق إلى بَوْحِكَ
خَلَعتْ شَمسُكَ ثِيابَها من مَلامِحِكَ
ألقتْ قَصَائِدَكَ على أرحامِ بَنَاتِكَ
ثم انْتَحَرتْ من فوقِ مِئذَنَتِي
أَضَعُ على كلِّ جبلٍ قصيدةً لكَ
أدْعُوهَا لِتْأتِيَ إليَّ
فلا قلْبُكَ يحْيَا
ولا لونُكَ عادَ يُمَطّرَ العِشقَ .

ضَحِكَاتُكَ لم تُفَارِق أحلامي
جُيوبُ طِيبَتِكَ ما تزالُ تَحْمِلُ إليَّ الحلوى .

على قلبي أسيرُ إليكَ
أعلمُ أنَّ دمُوعيَ لن تَقْطْعَ رأسَ الصَّمتِ
من حنجرةِ قبرِكَ
ولن تُبَدِّلَ الغُرباءَ معكَ بأصدقائِكَ الشُّعراءِ
ولن تطبخَ لكَ البازلاءَ
لَكنَّها تَسْتَطْيعُ الغِناءَ .

أنْتَظِرُكَ على طاولةِ حُلمي
أزرعُ قَصَائِدَكَ
أقطفُ منها وردةً أُرتِّلُهَا أمامَ قبرِك .

لا تُجالِس القبرَ وحدَكَ
سَأُرسِلُ إليكَ مَكْتَبَكَ
سآخذُ من فوقِهِ نُقُودَ فطُورِي التي تركتَها لي
أرسلُ إليكَ الكُتُبَ .الجرائدَ .القصائدَ
أدعو محمود درويش
وأدونيس
وصلاح عبد الصبور وصلاح جاهين وأمل دنقل ومحمد عفيفي مطر
وكُلَّ العظماءِ
لا تبكِ على رابطةِ عُنُقِكَ
فلا يرتديها إلا الهاربون من الموتِ
وأنتَ لم تُحِب الهرُوبَ .

أنتَ الحاضرُ الذي مضَى
سَتَنْبُتُ في ترابِكَ نجومُ أمْسياتِكَ
تخرُجُ الأقلامُ والأوراقُ من أدراجِ مَكْتَبَاتِكَ
تكتبُ الأشعارَ التي حَجَبَها الموتُ عنكَ .

طفلتي التي عَلّمّتُهَا رسمَ ملامحِكَ على كلمةِ مِلْحٍ
ترسُمُكَ كُلَّ يومٍ على نعُومةِ لوحَاتِها وشهدِ براعَتِها .

سجائرُكَ التي خَطفْتُها من يدكَ
ألقيتُها في وجهِ الموتِ
رائحَتُها ما تزال تُعَكًرَ صَفْوَ قَصَائدِي .

أنتَ الذي أسْكَنتنِي أشعارَكَ
كَتبتنِي في مولدي
أخذتَ وردةً من خدِ كلِّ بنتٍ من بناتِكَ
وضَعْتَها على جبيني .

اشتقتُ كثيرًا ولم تأتِ
سأنامُ هذه الليلةَ بدونِ سماءٍ
أغْمِضُ عليكَ عينيَّ
أنْتَظِرُكَ
أحْمِلُ قبْرَكَ على ظهري وأرحلُ .

أكتوبر ٢٠٢٠ ميلادية .