بِبَابِ مَدِينَةِ الْعُشَّاقِ قَدْ غَاصَتْ جُذُورُ الرُّوحِ تَزْحَفُ نَحْوَ ذَا بَدْءٍ
لِمَسْرَى طِينِهَا الأَزَلِيِّ وَالصَّلْصَالِ مَمْزُوجٍ بِمَاءِ الطُّهْرِ هَا قَدْ زُفَّتِ البُشْرَى وَشَقْشَقَ فِي الدُّجَى عُصْفُورُ تَسْفَارٍ رُوَيْدًا كَانَتِ البُشْرَى تو وَطَلَّتُهَا
وَدَمْعَكِ يَا سَمَاءَ النُّبْلِ قَدْ رَشَّهْ
يُبَلِّلُ يَبْسَةَ الأغْصَانِ نَدَّاهَا فَقَدْ مَاجَتْ تُدَاعِبُ ثَوْرَةَ الأَحْلَامِ إِذْ تَبْدُو
هُنَا اخْضَرَّتْ حَدِيقَتُهُ مُنَاغِمَةً
تُعَانِقُ بَعْضَهَا وَلَهًا وَزَهْرُالْوَجْدِ وِجْهَتُهُ امْتِدَادُ الأُفْقِ إِذْ دَارَتْ مَبَاهِجُهُ طُقُوسَ الْغَيْمَةِ الكُبْرَى
فَهَذَا الْمُشْتَهَى صَرْحٌ
وَهَذَا الْحَرْفُ مُبْتَهِلٌ تَبَتَّلَ حَامِلًا عَرْشَهْ
ظَلَلْتُ هُنَاكَ مَبْهُورًا أُعَايِنُ فِتْنَةَ الأَشْوَاقِ فِي مَمْشَى انْسِكَابِ الرُّوحِ أَنْوَرًا
وَبِي دَهْشَهْ
سَأَلْتُ فُؤادِيَ الأَشْوَاقَ فَانْتَفَضَتْ
رِياشُ صَبَابَةٍ وَجَوًى تُخَاصِرُ وَالِهَ اللَّوْعَاتِ
حَيْثُ أَطَلَّتِ الْوَحْشَهْ
أَنَا الْوَجْدُ الَّذِي يَنْسَابُ إِنْ فَاضَتْ كُؤُوسُ الشِّعْرِ تَحْلُو لِلْهَوَى سُقيَا
شِفَاهُ اللَّيلِ تُغْرِينِي يُجَلْجِلُ خَمْرَهَا الأَشْهَى
وَأَهْدَأُ إذْ تُدَلِّلُنِي بِرَشْفٍ مِنْ لَمَى فِرْدَوْسِهَا الأَحْلَى
أَهُزُّ بِكُنْهِهَا الظَّامِى فَتَسْقُطُ نَبْتَةً هَشَّهْ
وَتَنْمُوَ فِي الْحَشَا وَرْدًا أَيَا زَهْرَ الْمَدَى مَرْحَى وَأَشْرِقْ فِي مُقَيْلاَتِ الْعَلِيلِ الصُّبْحُ يَغْدُو بَسْمَةً كُبْرَى تُدَاخِلُ نَشْوَةَ الرَّعْشَهْ
تَفَلَّتْ يَا شُعَاعَ الضَّوْءِ وَاطْرُدْ قَسْوَةَ الذِّكْرَى وَغَنِّينِي لُحُونَ الفِتْنَةِ السَّكْرَى وَأُغْنِيةٍ سَبَتْنِي فِي طَرِيقِ الْحُبِّ أَحْرُفُهَا
فَهَذَا القَلْبُ ظَمْآنٌ فَكَمْ عَانَى وَكَفْكَفَ فِي الْهَوَى دَمْعًا إِليْكَ انْدَاحَتِ الأَشْوَاقُ وَالْتَفَّتْ لِتَبْنِيَ لِلْهَوَى عُشَّهْ
إِلَى رِيٍّ أَتَتْ رُوحِي لِيُمْنَحَ فَجْرَهَا الآَتِي وَلِيداً صَارَ مُخْضَرًّا
تُدَاعَبُ فِي الدُّجَى شَفَتَاهُ إذْ مَرَّتْ بِهَذَا الحُسْنِ لَوْ فَاضَ النَّدَى بِكْرًا
فَتُورِقُ رَوْضَةٌ خَضْرَاءُ تَمْنَحُ حَقْلَهَا الْمَأْمُولَ سُنْبُلَةً
هِيَ النُّعْمَى الّتِي تَشْفِي وَزَادُ الَّليْلِ للْجَوْعَى
وَخَيْطُ الضَّوْءِ يَرْنُو حَيْثُ حَنَّ اللَّيْلُ يَغْفُو سَاكِنًا يُلْقِى بَأشْرِعَةٍ
إذَاعَاثَتْ بِنَا الأَقْدَامُ فِي الأَعْمِاقِ كالْغَرْقَى لَهُمْ سِرٌّ إِذَا نُجُّوا
تَشَبُّسُهُمْ بِسِرِّ اللهِ مَوْفُورٌ
وَسِرُّ نَجَاتِهِمْ قَشَّهْ