*ليلة شرقية في منتدى الطعان الثقافي ليلة بألف ليلة مع الشعر والطرب والموسيقا وإضاءة على مسرحية مصطفى والسلطان*
في سهرة جميلة أقامها منتدى الطعان الثقافي في مدينة كولن الألمانية، كان لقاء الوتر بالحرف، الشعر بالموسيقى، لقاء الأصدقاء والمهتمين بالثقافة الشرقية، وكما أطلق عليها المنظمون كانت بالفعل ليلة شرقية ساحرة.
منتدى الطعان الثقافي الذي أسسه الأستاذ هيثم الطعان والسيدة زوجته سميرة الطعان في عام 2018 ليس مجرد فكرة يتم تطبيقها، هو مكان متسع للمحبة والألفة والود بقدر اتساعه لألوان الثقافة المختلفة، مكان يشعر فيه الجميع بأنهم شخصيات هامة تشكل محور الحدث وموضوعه، يحدث ذلك لسبب بسيط وكبير، وهو القائمان على هذا النادي فهيثم وسميرة ورغم كل الجهود التي يبذلانها، إلا أنهما يمتلكان موهبة قلّ من يمتلكها، موهبة الحفاوة، نعم هي موهبة لا يجيدها الجميع، بينما هما يستقبلانك بوجهين بشوشين لطيفين وباهتمام بالغ بك أنت شخصياً كائناً من كنت فيفتحان في قلبك ثغرة يعبران من خلالها إلى روحك.
ليلة السبت الماضي كانت حافلة ومتميزة، فمن الترجمة إلى الشعر فالموسيقا والغناء والطرب.
افتتحت الليلة الشرقية بترحيب بالحضور من قبل القائمين على المنتدى ونشاطاته الأستاذ هيثم الطعان والأستاذة سميرة الطعان، ثم كانت البداية بفقرة موسيقية أبدع فيها الثنائي الموهوبين المبدعين باسم مخلص وعارف فوزي بعزف وصلة موسيقية كانت عنوانا لليلة الشرقية، وكما يقال (المكتوب مبين من عنوانه) بالفعل كان العنوان جاذباً يخبرك بما قد يليه من جمال.
ليبدأ بعد ذلك حوار حول النص المسرحي (مصطفى والسلطان) للكاتب (فولك غريفل) والذي ترجمته لتقدمه للقارئ العربي المترجمة الموهوبة السورية (ندى محمد) والتي تحدثت للحضور عن تجربتها هذه والتي تعتبر الأولى كترجمة لكتاب، إذ أن المترجمة كانت قبل ذلك تقوم بترجمة النصوص أو المقالات قبل أن تفكر بترجمة هذه المسرحية التي تنتمي للعصر الإليزابيثي، كان حديث المترجمة الشابة ندى محمد ثرياً يتعلق بهذه التجربة التي لقيت نجاحا كبيراً رغم أنها الأولى، وتعتقد ندى محمد بأنها وجدت في هذا النص المسرحي – الذي يتمحور حول قصة سلطان قتل ابنه بسبب حب الشعب له، وبتآمر وتشجيع من زوجته حتى لا يستولي الابن على الحكم منه – شيئاً مماثلاً للحالة العربية التي تضمنت تاريخياً أحداثا مشابهة، وقالت الكاتبة بأنها أثناء الترجمة شعرت بأنها لا تترجم كتاباً فحسب، بل هي تترجم ثلاثين سنة ماضية بكل أحداثها، لاسيما الربيع العربي الذي حاولت فيه الشعوب كسر الديكتاتوريات في دول عدة.
كان للشاعر والناقد محمد المطرود حوار متميز مع المترجمة طرح فيه الكثير من الأسئلة عليها، لاسيما فيما يتعلق بأسلوب الترجمة الأدبية واختلافه عن باقي أنواع الترجمة، لتؤكد ندى بأنه لا بد مختلفاً إذ أنه من المطلوب في الترجمة الأدبية إيصال الفكرة والإحساس والجمال اللغوي في آن واحد، ما دفع بعجلة الحوار باتجاه الأمانة والحَرْفية أثناء الترجمة، ومتى تكون مطلوبة ومتى يمكن تجاوز الأمر قليلاً، ما أطلق عليه الناقد المطرود تسمية (خيانة النص المترجم) تلك الخيانة الحميدة في كثير من الأحيان بحسب المترجمة المحمد، التي تحدثت عن مثال بسيط مقنع، إذ عندما يقوم عدة مترجمين بترجمة عمل أدبي واحد، نجد الفروقات بينهم في الترجمات، فكل كاتب يعتمد على حسه وحدسه لإنجاز ترجمة المادة الأدبية.
السيدة سميرة الطعان وجهت الكثير من الأسئلة للمترجمة ندى، وحاولت بأسلوبها المتميز باللطف والدقة معاً أن تتيح المجال للحضور ليعرفوا كل ما قد يجول في خواطرهم، وذلك من خلال حوارها الشيق.
ألقى الشاعر محمد زادة قصيدة جميلة جعلت معظم الحضور وخاصة السوريين يتذكرون بلادهم ومدنهم وتفاصيل حياتهم قبل مغادرة الوطن، زادة تحدث عن مدينة حلب السورية التي يعشقها بأسلوب شجي في قصيدته المؤثرة،”.
كما ألقى الشاعر والناقد محمد المطرود قصائد عدة تميزت بترابط جملها وسلاستها ما يجعلك تتلقى القصيدة قطعة واحدة لتدخل إلى روحك وتمنحك ذاك الإحساس الدافئ الذي تشعر به كلما ضممت حبيباً أو طفلاً أو وطناً.
قصائد القيثارة دارين زكريا كان لها الوقع المؤثر في نفوس الحضور، قصيدة دارين غالبا ما تكون أنثى، أنثى بكل ما فيها، لكنها الأنثى القديرة التي لا تهوي إذا عصفت بها الحياة بل تبقى ثابتة بحجم التحدي والصراع الذي لا بد من خوض غماره بين الرجل والمرأة والأرض والتاريخ.
شعراء ثلاثة سحروا القلوب بحضورهم، جمعتهم سمة هامة هي سحر الإلقاء والقدرة العجيبة على اختراق شغافك وأسرك بأسلوبهم الجميل وابتسامتهم التي تسرق نظرك كلما قال أحدهم جملة شعرية.
قرأ الشاعر الجميل بشير الزعلان النصوص الأدبية التي ألقيت بعد ترجمتها إلى اللغة الألمانية، باعتبار أن بعض الحضور ممن لا يجيدون اللغة العربية، ولكون الفعالية أقيمت بالتعاون مع دار الثقافة في مدينة كولن الألمانية.
الموسيقا وما أدراك ما الموسيقا؟ جنون الموسيقا، سكر الموسيقا، ونشوة الموسيقا، كانت مع الموسيقار المبدع باسم هوار وزميليه الإيرانيين المبدعين ريزا ساماني وكيمارز موساييبي، عزفت الفرقة المدهشة مقطوعات شرقية عدة، تميزت بالسحر والروعة، مستخدمة آلات موسيقية مختلفة عن الآلات الموسيقية الشهيرة التي عرفناها في الموسيقا العربية أو الغربية مثل (prkussionsin، santur، djoze) كان السحر يتناثر من مكبرات الصوت باتجاه قلوب الحضور، خاصة عندما يلحظ الحضور تفاعل العازفين مع موسيقاهم، إذ أنك لا ترى عازفين عاديين، بل أناساً يعشقون آلاتهم الموسيقية، يرقصون معها يعلون بعلوّها وينخفضون مع همسها.
الطرب كان مع المغني الجميل جان عيسى رافقة العازفان المبدعان باسم مخلص وعارف فوزي بموسيقا ساحرة