يجمع أخصائيو دلالات الأرقام اليوم على القول بأنه كلما عرفنا كيف نطبق لغة الأرقام على حياتنا اليومية كلما أدركنا أن المستقبل ليس ثمرة من ثمار الصدفة.
مدني قصري
أتباع فلسفة دلالات الأرقام يعزون الأرقام لأصول قديمة. فمعظمهم متّفقون على ميلاد هذا العلم في مصر (في حوالي 1000 قبل الميلاد) ثم توسّعه وانتشارة الجغرافي والثقافي السريع في بابل، والهند، واليابان، والصين…)
فيثاغورس
يقول علماء الأرقام المعاصرون أنّ ميلاد هذا العلم يعود للقرن السادس قبل الميلاد، على يد عالم الرياضيات اليوناني فيثاغورس (580-490 قبل الميلاد) الذي وضع المبادئ الأولى لهذا العلم.
لقد اكتشف فيثاغورس الذي كان ضالعًا في المعرفة الصوفية البابلية والمصرية، أن ذبذبات أوتار الآلة الموسيقية تُنتج أصواتًا متناغمة عندما تكون أطوال الأوتار أعدادًا صحيحة. وقد عمّم هذه النتائج على الكون بأكمله، وهكذا تطور الإيمان الفيثاغورسي بالسلطة المطلقة للرقم الذي يحكم الكونَ ويديره.
مبادئ علم الأرقام الحديثة
إستنادًا إلى فلسفة فيثاغورس، كلُّ علماء الأرقام مقتنعون بأن هناك صلة إرتجاجية بين الإنسان والأرقام التي تحيط به. فهم ينسبون إذن للأرقام بُعدًا نوعيًّا، بالإضافة إلى قيمتها الكمية. فالمعلومات التي تقدمها الأرقام ينبغي أن تساعد كل شخص على فهْمٍ أفضل لشخصيته، والكشف عن الغرض من حياته، لتمكينه من التحرك على طريق التنمية الكاملة لقدراته الإبداعية
رقم 9
يؤكد خبير علم الأرقام الأردني الدكتور أحمد أبو الرب أن هذا العلم هو علم معرفة الإنسان بواسطة الأرقام. “على من تهمه أسرار الأرقام أن يفتح كفّيه: سيكتشف أن كفه اليمنى تحمل رقم 18 (أي 9) ، وأن كفه اليسرى تحمل رقم 81 (أي 9). هذه، بلا شك، هي المعجزة الشاهدة على أن للأرقام دلالاتها الخفية في حياة الإنسان. حيث أن دراسة دلالات الأرقام وعلاقتها بالحروف تكشف لنا أسرار ذواتنا، وطاقاتنا الكامنة، ودوافعنا الدفينة”.
علم الأرقام والقدر
علم الأرقام يتيح لنا التعرف على الخطوط العريضة لأقدارنا على نحو ما هي مسطرة عند ولادتنا. فهذا العلم يستند إلى القوة الإرتجاجية للأرقام، ومن ثم يتيح لنا بأن نفهم ذواتنا، ونفهم الآخرين بشكل أفضل.
يقول أبو الرب “في هذا العلم كل شيء له حسابه: تاريخ الميلاد، وكذلك الحروف التي يتشكل منها اسم ولقب الفرد. دراسة الأرقام تعلّمنا كيف ندير حياتنا بكامل حريتنا، لأنه من الخطأ الاعتقداد أن كل شيء ثابت ومسطر ولا متغير”.
أسرار الأرقام
هذا ما نكتشفه في كتاب الدكتور أحمد أبو الرب “أسرار الأرقام في حياة الإنسان”. نقرأ في مقدمة هذا الكتاب”حظِي علم الأرقام باهتمام كبير منذ القدم. فقد كان العالم الرياضي المشهور “فيثاغورس” شديد الاهتمام بعلم الأرقام، وبكيفية نشوء الأعداد، وقد كان يقول: “إن في معرفة العدد وكيفية نشوئه من الرقم واحد، تتجلى معرفة وحدانية الله عز وجل”. ونُقِل عن جاليليو، عالم الرياضيات قوله “إن الطبيعة كتابّ مكتوبّ بلغة الأرقام”.
الأديان والأرقام
حول هذا الموضوع تدور بعض فصول كتاب أبو الرب، إذ يقول “إن الديانات السماوية الثلاث تضمنت إشارات كثيرة تتعلق بالأعداد ومدلولاتها. فقد جاء في” سفر الرؤيا، الأصحاح الثالث عشر”، الآية 18 “هنا الحكمة، فمَن له فهم فليحسب عدد الوحش، فإنه عدد الإنسان، وعدده ستمائة وستة وستون (666) التي يكون الناتج فيها 9. ويمثل هذه العدد الأرقام التسعة التي بنى عليها الإنسان كل حساباته. والعدد 9 كما يذكر سفر الرؤيا هو عدد الإنسان، وهو عدد آدم عليه السلام، والرقم تسعة هو رمز المادة التي لا تفنى.
رقم 9 في القرآن
يقول أبو الرب إن هذا الرقم ورد كثيرًا في القرآن الكريم الذي شمل كل وجوه الإعجاز. لذلك يدعونا الكاتب لتأمل الرقم 9 في حياة الإنسان: “عمر الجنين في بطن أمه تسعة شهور، متوسط درجة الحرارة في جسم الإنسان 36 درجة مئوية، 36 من مضاعفات 9، وأجهزة جسم الإنسان 9، ومنافذ جسم الإنسان 9 أيضًا الخ..
الإنسان رقم وحرف
ويتساءل أبو الرب “هل كل هذه الأشياء جاءت بالصدفة؟ العلم يقول لا توجد صدفة في علم الأرقام. فالإنسان رقم وحرف”.
وقد دلل الباحث على ذلك بأمثلة كثيرة، قائلا بأن للأرقام أيضًا صلة وثيقة بالحروف. وهو ما تناوله بكثير من التوسع والدقة، وأورد فيه أمثلة عديدة من العلم، ومن القرآن ومن الكتب السماوية الأخرى، ومن مصادر أخرى كثيرة.
التنبؤ بالأرقام
ويضيف المؤلف “يقال إن أساس الترتيب الأبجدي ترتيب سرياني نزل على آدم وإدريس ونوح وموسى وعيسى عليهم السلام. وقد استخدم رجال الدين اليهودي و لا يوالون يستعملون الأرقام في حساباتهم وتنبؤاتهم، واستخدمها المسلمون لحساب الجمل في التاريخ والوفيات والأبنية وغيرها.
الرقم ودلالاته النفسية
خصص المؤلف فصولا كثيرة لعلاقة الأرقام والحروف بِطبع الإنسان وأمراضه، ومواهبه واستعداداته، ومستقبله، وبيّن أن للرقم والحرف تأثيرًا لا شك فيه على الإنسان، وتحدث كثيراً عن اختيار الأسماء وأهميتها في حياة الفرد، وقد أورد في هذا السياق أمثلة كثيرة عن ظاهرة تغيير الأسماء في الجاهلية.
من حيدرة إلى علي
وأشار إلى ما ذكره العقاد في كتابه “عبقرية الإمام علي” من أن عليَا كرم الله وجهه، عندما ولدته أمه فاطمة بنت أسد أسمته “حيدرة” باسم أبيها “أسد”. والحيدرة هو الأسد. ولكنْ أباه سمّاه عليّا، وبه عُرف واشتهر بعد ذلك.
الأسماء والعصر الحديث
كما ذكر الباحث أمثلة عن ظاهرة تغيير الأسماء وعلاقتها بالأرقام في العصر الحديث أيضًا، مبيّنا مدى تأثير ذلك في تغيير طباع الناس، وأهمية العمل على اختيار الأسماء لِما لها من صلة وثيقة بشخصية الفرد، ومصيره، وعلاقاته بالآخرين، وفي اختيار الشريك، والعمل والمهنة، وما إلى ذلك.
الخوف من رقم 13
في الفصل الخاص بالرقم 13 ، تناول المؤلف أمثلة طريفة عن سرّ خوف معظم الناس من الرقم 13 . ومن الأمثلة الطريفة التي ذكرها في هذا الصدد ما يعانيه الأميركيون من تشاؤم من الرقم 13 إذا وقع هذا الرقم يوم جمعة.
وذكر المؤلف ما أوردته بعض الدراسات من أن الشركات الأميركية تخسر كل يوم جمعة رقمها 13 في أي شهر كان حوالي 750 مليون دولار، لعزوف الناس عن التسوق أو السفر في يوم 13 إذا وقع يوم جمعة.
13 في القرآن
وتناول الباحث دلالات رقم 13 في القرآن الكريم وارتباطه بالعدد 114 وهو عدد سور القرآن الكريم. كما بيّن الصفات الإيجابية عند الفرد الحامل لرقم 13 ، مؤكداً أن صاحب هذا الرقم يكون راجح العقل، وصاحب قوة وسلطان، ويسعى دائماً نحو الأفضل.
11 و22
ويشير الباحث على غرار الباحثين الغربيين إلى أن الرقمين 11 و22 يتمتعان بارتجاجات أقوى من باقي الأرقام، ويشيران إلى أن حاملي هذين الرقمين يمتلكان طاقات قوية يجب أن يضعوها في خدمة الآخرين.
كتبه الكاتب والمترجم : ” مدني قصري ”