كتب ” يسري حسان ” :
لم اندهش من الهجوم الكاسح أو بمعنى أدق ” المكسح” الذى تعرض له فيلم ريش.. هذا أمر طبيعى فى زمن” السفلة والأوغاد” على رأى شاعرنا الكبير صلاح عبدالصبور.
لم أشاهد الفيلم حتى الآن.. ولذلك لن أتحدث عنه فنيا.. ماسمعته وقرأته أنه يتناول حياة عائلة بسيطة..الزوج تحول إلى فرخة بسبب افتاكسة ساحر عبيط – مثل أغلب ممثلينا- والزوجة كافحت لتربية الأولاد..عادى يعنى بتحصل فى أغلب العائلات.. ودعك من تأويل حكاية الفرخة.. العائلة تعيش فى بيئة غير آدمية.. وهو أمر عادى وموجود فى بلادنا وبلاد العالم كلها.. فما الذى أزعج العواطلية( من الشغل والإبداع) من هذا العمل وشنوا هجومهم عليه؟
أولا: فوجئ هؤلاء العواطلية بمجموعة ممثلين أو بمعنى أدق بمجموعة مواطنين على باب الله يصنعون فيلما رأت لجنة التحكيم فى مهرجان كان أنه فيلم جيد فأعطته جائزة لتكون الأولى فى تاريخ السينما المصرية.. ياللهول.. احنا كده اتكشفنا.
ثانيا: معنى أن يشارك العامة والدهماء فى فيلم يحصل على جائزة عالمية أن الأمر يمكن تكراره .. وكل من هب ودب يعمل فيلم ويكسر الدنيا.. وتضيع هيبتنا- الأصح خيبتنا- ونروح فى الكازوزة.. ويبقى سعرنا بتلاتة تعريفة.
ثالثا:لماذا لانغازل الدولة ونزايد عليها ونقول لها إننا أبناؤك المخلصون الذين ينتفضون للدفاع عنك ،ونحرض على الفيلم، ونقول الحقوا الفيلم بيسئ لدولتنا العظيمة..وبكده يبقى ضربنا عصفورين بحجر.. وقد كان وتلقفها الجهلاء من الإعلاميين ليزيطوا فى الزيطة ويقولوا للدولة نحن هنا.. فى حين أن دكرا منهم – مشيها دكر- لايستطيع الاعتراف بأنه لم يشاهد الفيلم.
واحد من هؤلاء قال هو مافيش حاجة عدلة فى البلد يتكلموا عنها.. وأقول لحضرته فى حاجات كتير بغض النظر عن الاختلاف حول الأولويات.. بس ده مش دور الفن.. الدولة عندها مؤسساتها واجهزتها وممكن تعمل أربعين أو مية وأربعين فيلم تتحدث فيها عن انجازاتها.. أما الفن فهذا ليس دوره.. حضرتك اتعلمت فين بالظبط؟
واحد تانى فتح النار على وزيرة الثقافة لأنها كرمت صناع الفيلم وكأنها ارتكبت جريمة.. فى حين أن مافعلته أمر محترم جدا وذكى جدا وسياسى جدا..فهى إذا لم تكن شاهدت الفيلم وكرمت صناعه فقد أدت الواجب الذى يجب أن تفعله الدولة تجاه عمل فنى مصرى حصل على جائزة عالمية.. وإذا كانت شاهدته وتحفظت عليه مثلا.. ورغم ذلك كرمت صناعه فهذا ذكاء منها ينم عن حس سياسي واع.. فهاهو الموقف الرسمي من الفيلم..يعنى موقف الدولة هنا موقف محترم ويعكس إيمانها بحرية الفكر والإبداع..( على افتراض إن الفيلم بيسئ لمصر فعلا مع إنى لاافهم كيف يسئ فيلم أى فيلم لدولة ويهزها) وهى لولم تفعل ذلك لكانت سقطة منها ومن الدولة التى تمثلها.
خلاصة الأمر أن كل هذا اللغط والعك الذى يدور حول الفيلم ليس لوجه الله..كل واحد بيدور على مصلحته وبيقدم أوراق اعتماده للدولة( مسلسلات رمضان قربت) حتى لو على حساب فيلم مصرى حصل على جائزة عالمية.. أو على حساب الطعن فى وزيرة الثقافة التى لم تفعل سوى الواجب الذى يمليه عليها منصبها كوزيرة ثقافة فى دولة المفترض فيها أنها تشجع حرية الرأى والإبداع.