شكلت الوحدة الوطنية بين مكونات شعب أذربيجان أحد أهم العوامل الرئيسية التي ساهمت بشكل فاعل في الانتصار العظيم الذي حققته أذربيجان من أجل استعادة وحدة أراضيها، وفق قواعد ومبادئ القانون الدولي، وذلك عندما وجه الجيش الأذربيجاني ضربة ساحقة للاحتلال الأرمني بدعم من جميع فئات الشعب، حيث تم تحرير حوالي 300 مدينة وقرية وبلدة في 44 يوماً.
كما تم تحرير ثلاث مناطق محتلة أخرى أيضاً “أغدام، كالباجار، لاتشين” دون قتال بعد استسلام أرمينيا وأجبرت علي تسليم هذه المناطق وفق شروط البيان الثلاثي الموقع بين كل من رئيس أذربيجان ورئيس روسيا ورئيس وزراء أرمينيا في العاشر من نوفمبر 2020، فقد تحررت أراضي قراباغ خلال 44 يوماً العام الماضي، وذلك نتيجة للعملية الحربية التي قامت بالرد بقبضة من حديد على استفزازات القوات المسلحة الأرمنية في 27 سبتمبر 2020، والتي كانت تهدف إلى احتلال أراضي أذربيجانية جديدة، وعلى الرغم من الهجمات الإرهابية التي شنتها القيادة العسكرية والسياسية الأرمينية المحتلة على المناطق السكنية الأذربيجانية، والتي كانت تهدف إلى إلحاق خسائر فادحة بالمدنيين الأذربيجانين، فقد أظهر شعب أذربيجان شجاعة ومثابرة وحقق النصر العظيم.
شكل تحرير مدينة شوشا أهمية استراتيجية كبيرة، حيث أدى سيطرة جيش أذربيجان عليها إلى تحقيق الانتصار في هذه الحرب الوطنية، وذلك لأن تحرير شوشا في الثامن من نوفمبر 2020، كان عاملاً رئيسياً في استسلام العدو، والرضوخ لشروط أذربيجان بالانسحاب الكامل من جميع الأراضي المحتلة.
أصدر الرئيس إلهام علييف عدة قرارات بشأن الاحتفال بذكرى النصر في الثامن من نوفمبر من كل عام، حيث تم تخصيص يوم السابع والعشرين من سبتمبر يوماً وطنياً لتخليد ذكرى الشهداء البواسل الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن، ويوم الثامن من نوفمبر يوماً للنصر، وفي بداية عام 2021، تم تأكيد الحقائق التي أوجدها انتصار أذربيجان مرة أخرى على الطاولة الدبلوماسية، حيث كان البيان الثلاثي الموقع خلال الاجتماع بين رئيسي أذربيجان وروسيا ورئيس وزراء أرمينيا في موسكو في 11 يناير 2021 خطوة مهمة نحو فتح الاتصالات في المنطقة، بما في ذلك ممر زانجازور، لذلك، يعتبر ذلك البيان الثلاثي نجاحاً دبلوماسياً آخر لأذربيجان، وفي الوقت نفسه، يحظى البيان الثلاثي الموقع في موسكو بتقدير كبير من حيث إنشاء ممر يربط الأراضي الرئيسية لأذربيجان بجمهورية ناخيتشيوان المتمتعة بالحكم الذاتي واستعادة روابط النقل والاتصالات، والتي تعتبر مهمة لجميع دول وشعوب المنطقة.
لقد تمكن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف خلال إدارته لحرب التحرير العام الماضي من وضع أذربيجان في مكانة رائدة، ليس فقط في ساحة المعركة، ولكن أيضاً في مجال التواصل مع العالم الخارجي، وتوضيح الحقائق عن هذا الصراع، حيث استطاع العالم من خلال المقابلات التي أجراها مع وسائل الإعلام الدولية، أن يوضح للعالم أن أذربيجان ليست دولة معتدية، ولكنها تخوب حرباً مشروعة من أجل تحرير أراضيها المحتلة وفق قواعد القانون الدولي.
لقد بدأت مرحلة إحياء قراباغ مرة أخرى بعد تحريرها من الاحتلال، من خلال عمليات إعادة الإعمار والتأهيل، ففي أوائل عام 2021، تم إنشاء “صندوق إحياء قراباغ” لتوفير الدعم المالي وجذب الإستثمارات لإعادة الإعمار وتأهيل الأراضي المحررة، وكذلك للقيام بالأعمال المتعلقة بعمليات إعادة الإعمار داخل وخارج البلاد، كما تم إنشاء مقر تنسيق لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية والتنظيمية وغيرها من القضايا العاجلة في الأراضي المحررة، والتنسيق بين جميع الأنشطة والأعمال في هذا المجال.
لقد تم التخطيط لعمليات إعادة إعمار المناطق المحرر وتأهيلها على مراحل، لأنه من أجل توفير الظروف المعيشية اللازمة للمواطنين العائدين إلى قراباغ، لابد من توفير لهم بنية تحتية قوية وفق أحد النظم العالمية الحديثة، وفي الوقت الحالي، يتم تنفيذ هذه المشاريع من قبل الدولة، ويعد تشييد طريق النصر المؤدي إلى شوشا، وإنشاء مطار في فضولي، وغيرها من مشروعات البنية الأساسية الكبرى ضمن الخطط التي تم وضعها لتغطية جميع الأراضي المحررة بشبكة واسعة وقوية من مرافق البنية التحتية.
تمثل عملية تأهيل مدينة شوشا، التي أعلنها الرئيس إلهام علييف العاصمة الثقافية لأذربيجان، أولوية كبيرة في برنامج عمليات إعادة الإعمار والتأهيل، ولذلك يشارك العديد من مؤسسات الدولة في هذه الأعمال، فقد شاركت مؤسسة حيدر علييف ووزارة الثقافة الأذربيجانية والوكالات الأخرى بنشاط كبير في ترميم المعالم التاريخية والدينية في المدينة، بما في ذلك المساجد.
ولا يقتصر الاهتمام بإعادة الإعمار علي الأعمال المادية ومرافق البنية التحتية، ولكن هناك جانب آخر توليه الدولة اهتماماً كبيراً، وهو رعاية أسر الشهداء وقدامى المحاربين، حيث تم إنشاء صندوق “ياشات” لدعم مختلف جوانب الرعاية الاجتماعية للجرحى وأسر الشهداء، كما منح رئيس أذربيجان أكثر من 76 ألف جندي في يونيو 2021، العديد من المزايا الاجتماعية والمعنوية تقديراً لجهودهم وتضحياتهم ودورهم في ما تعيشه أذربيجان من فرحة الانتصارات المجيدة، كما تم إنشاء مركز تنسيق موحد لنداءات أفراد أسر الشهداء والجنود المصابين في الحرب والأفراد الذين تسببت الحرب لهم في إعاقة دائمة.
حشدت أذربيجان جل جهودها لتحقيق العودة الكبرى للمهجرين، ومع ذلك، فإن استمرار مماطلة أرمينيا في تقديم معظم خرائط الألغام تعمل علي بطء عملية إعادة الإعمار ومن ثم تأخير عودة المهجرين، ومع ذلك، فقد بدأت بالفعل عملية العودة الكبرى في قرية أغالي بمنطقة زانجيلان، وبالتالي، سيتم تنفيذ هذا المشروع التجريبي في منطقة زانجيلان وسيغطي قرى أغالي الأولى والثانية والثالثة، وستعود المجموعة الأولى من النازحين إلى أراضيهم الأصلية.
وفق الخطط التي تم وضعها لأعمال إعادة الإعمار، من المقرر تحويل منطقة زانجيلان إلى مركز دولي للنقل والخدمات اللوجستية، وسيكون لمطار زانجيلان الدولي أهمية كبيرة، وفي الوقت نفسه، يتم إعداد الخطط الرئيسية لجميع مدن قراباغ الأخري، ولا تحتاج هذه الأعمال إلى وقت كبير، فقد تم تشييد مطار فضولي الدولي خلال ثمانية أشهر فقط، وهو ما يعد حدثاً تاريخياً، خاصة أنه مطار كبير يسمح باستقبال جميع أنواع الطائرات، بما في ذلك طائرات الشحن الثقيل، ومن هنا تكمن أهميته الاستراتيجية، وقد شكل افتتاح المطار، الذي تم تشييده من قبل الشركات التركية، في 26 أكتوبر بمشاركة رئيس أذربيجان إلهام علييف والرئيس التركي رجب طيب أردوغان دفعة كبيرة في عمليات إعادة الإعمار، حيث يوضح هذا مدى أهمية الأنشطة المشتركة للبلدين في إعادة إعمار الأراضي المحررة في أذربيجان في المستقبل، ولذلك فقد تم خلال الزيارة، وضع حجر الأساس لممر زانجازور “طريق هوراديز- جبرائيل- زانجيلان- أغبند السريع”، وكذلك التعرف على الأعمال المنجزة على طريق “أحمد بيلي- فضولي- شوشا السريع”، وكذلك قرية أجالي بمنطقة زانجيلان. ضمن مشروع “القرية الذكية”.
تعيش أذربيجان حالياً أهم فترة في تاريخها الحديث، وذلك بعد أن أصبحت قراباغ المحررة، ساحة واسعة من النشاط الواسع في عمليات إعادة الإعمار، وعلى خلفية الحقائق الجديدة التي أوجدتها أذربيجان في المنطقة، يتم تنفيذ العمليات التي جرى التخطيط لها مسبقاً بوتيرة متسارعة لإعادة تأهيل الأراضي المحررة عمرانياً وانتاجياً، حيث يتم تشييد المشاريع الكبرى في منطقة جنوب القوقاز التي تبشر بفرص واعدة وفريدة للتعاون مع دول المنطقة، وكل هذا يجعلنا نقول إن أذربيجان تحتفل بذكرى النصر المجيد، وهي تقود عمليات البناء الكبرى التي من شأنها تغيير وجه المنطقة، حيث ينتظرها مستقبل مزدهر مشرق.