يوم نلتُ جائزة كفافيس الدولية في الشِّعر ( 1 )
اتصل بي الشَّاعر اليوناني كوستيس موسكوف Kōstēs Moskōph المستشار الثقافي للسِّفارة اليونانية في القاهرة ؛ طالبًا مني حضُور مؤتمرٍ صحفيٍّ له عن جائزة كفافيس الدولية ؛ فقلتُ له : إنني مسافرٌ غدًا إلى تونس – وكنا في أواخر مارس من سنة 1998 ميلادية – ، ولن أستطيع الحضُور لضيق الوقت لديَّ ، فأنتَ تعرفُ ما يتطلبه السفر من ترتيبٍ ؛ فأصر على حضوري ولو لبعض الوقت .
قدتُ سيارتي على عجلٍ إلى جاردن سيتي ، حيث مقر موسكوف ، وكان ذلك في إحدى أماسي سنة 1998 ميلادية ؛ لأحضر المؤتمر الصحفي الذي خصَّصه للإعلان عن جائزة كفافيس الدولية لهذا العام ، لكنَّ المؤتمر انتهى ، ولم يعلن موسكوف أسماء الفائزين ، وكانت الجائزة عادةً ما تضمُّ شعراء من مصر والبلدان العربية واليونان وقبرص .
وقبل مغادرتي المكان ، قلتُ لموسكوف : هل يمكنُ أن أستخدم هاتف مكتبك ؛ لأن لديَّ اتصالًا مهمًّا قبل سفري ، والوقت يمرُّ ، فأذن لي بالذهاب إلى المكتب ، وانشغل هو بالحديث مع الصحفيين الذين حضروا المؤتمر .
جلستُ على المقعد ، وأجريتُ اتصالي ، ولا أذكرُ الآنَ من كنتُ أريد مهاتفته ، فإذا بالهاتف مشغُولٌ ( ولم يكُن الهاتفُ المحمولُ قد انتشر ، حيث كان 1998 ميلادية هو عام تقديم خدمات المحمول فى مصر).
كررتُ محاولةَ الاتصال أكثرَ من مرةٍ ، وكانت أمامي دعواتٌ مطبوعة ؛ فأخذني الفضول لقراءة المكتوب ؛ فإذا هي دعوات رسمية ، سترسل إلى من سيحضرون حفل توزيع جائزة كفافيس الدولية الذي يُقام كل عام في المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية ، ومن بين الأسماء اسم الشاعر أحمد الشهاوي ، والشاعر محمد الفيتوري ، والكاتب الروائي إدوار الخرَّاط ( الدراسات الأدبية في مجال المسرح اليوناني القديم ) ، والشاعر جمال القصَّاص ، ومن قبرص اليونانية : نيكي مارجو ، وكرياكوس خرالمبيدس .
وكان قد فاز قبلنا بالجائزة الشعراء : محمود درويش ، وأحمد عبد المعطي حجازي ، وسعدي يوسف ، ونازك الملائكة ، وفدوى طوقان ، ومحمد عفيفي مطر ، وثروت عكاشة وزير ثقافة مصر الأسبق ، وعدد من الشعراء اليونانيين والقبارصة اليونانيين .
أوقفتُ الاتصال ، وخرجتُ من الغرفة غير مصدِّق ، فكيف أكون من الفائزين ولا يبلغني موسكوف (1939- 1998ميلادية ) الذي أسَّس الجائزةَ سنة 1991 ميلادية ، وأنا مسافرٌ غدًا صباحًا إلى تونس ، حيث كنتُ وقتذاك مُقرِّرًا عامًا لملتقى المبدعات العربيات الذي كان يقام سنويًّا في سوسة ، وكانت الدورة الثالثة منه .
انتظرت موسكوف أن يقولَ لي على انفرادٍ ، لا تسافر ، فأنت من الفائزين ولابد أن تتسلم جائزتك ، وتلقي قصائدك أمام الحضور ، لكنه لم يقل شيئًا ، وبقدر فرحتي ازداد غيظي ، فقلتُ له أنا مسافر غدًا إلى تونس فهل تريد شيئًا من هناك ، فشكرني ، وكررتُ كلامي حتى فاض زهقي ، فعدتُ إلى البيت ، وحكيتُ الأمر هاتفيًّا إلى الكاتبة الروائية الدكتورة ميرال الطحاوي ، وكنا سنتزوج هذا العام ، وقلتُ لها أن تتسلَّم الجائزة نائبةً عني في الأول من مايو ، ويومها كتب الكاتب الروائي الراحل جمال الغيطاني – صديق العمر – خبرًا نشره في الثالث من مايو سنة 1998 ميلادية في الصفحة الثالثة من جريدة ” أخبار الأدب ” التي أسَّسها وكان يرأس تحريرها ، عنوانه : ميرال تتسلم جائزة الشهاوي ، أنهاه بهذه الجملة : ” ويبدو أنَّ الشَّهاوي قد قرر إنهاء فترة العزوبية الطويلة ” . إذ إنني لم أكن قد قلت لأحد بالأمر .
وقلت للكاتب الروائي وحيد الطويلة – صديق الرحلة والعمر – أن يقرأ قصائدي ، خصوصا أنه كان ينافسني في حفظ شعري .
وللحديث صلةٌ