في مشروع جديد تعود جذوره لمقاربة “ما بعد المسألة الأوربية” التي يعمل عليها ويطرحها الدكتور حاتم الجوهري في الآونة الأخيرة، يعقد مؤتمر: “المشترك الثقافي بين مصر وتونس.. الواقع والآمال”، في يوم 22 مارس المقبل، وتستضيفه مجلة “أدب ونقد” المصرية العريقة التي يرأس تحريرها الشاعر عيد عبد الحليم.
وكانت فكرة “المشترك الثقافي” على المستوى العربي كرافعة لتجاوز اللحظة الحضارية الوجودية الراهنة وأزماتها، قد طرحها الجوهري في السياق نفسه في شهر سبتمبر الماضي 2021م، في مائدة ثقافية مستديرة حول العلاقات المصرية السودانية على المستوى الشعبي، حيث خرجت المائدة بـ”وثيقة ثقافية شعبية” مطروحة للحوار الشعبي، ساهم الجوهري في تحريرها ممثلا عن المشاركين من الجانب المصري.
وبدأت فكرة المؤتمر حين طرحها حاتم الجوهري في بداية شهر ديسمبر في شكل إصدار بحثي، ثم طور الفكرة إلى مؤتمر له فلسفة واضحة تقوم على “المشترك الثقافي” وسبل تفعيله عربيا، نشرها في مقالة بعنوان: “فلسفة المشترك الثقافي: نحو مدرسة لدراسات ثقافية عربية مقارنة”.
حيث بينت فلسفة المؤتمر أهمية تطوير مدرسة لـ”دراسات ثقافية مقارنة” عربية تتمايز عن “الدراسات الثقافية” الغربية التي تفجر التناقضات وتؤكد على الهوامش وفكرة الصراع وتفكيك مسارات التعايش التاريخية ومفاهيمها في “مستودع الهوية” العربي، وتقوم فلسفة المؤتمر على المنهج الثقافي ذاته والبحث عن الكوامن والعوامل الثقافية المؤثرة، لكن وفق مذهب مغاير ينتصر لفلسفة البحث عن “المشترك الثقافي” والتأكيد عليه، كوسيلة لاستعادة اللحمة العربية في لحظة تاريخية فارقة.
ويعقد المؤتمر بالتواكب مع الذكري الـ77 لانطلاق جامعة الدول العربية في عام 1945، وفي سياق العام الثقافي المصري التونس 2021/ 2022م، والذي دعا إليه الرئيسان المصري والتونسي، وفي سياق الاهتمام العربي بتفعيل اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي التي أطلقها اليونسكو عام 2003م.
ومن المقرر أن تستضيف المؤتمر مجلة “أدب ونقد” المصرية العريقة، وبالتعاون العلمي مع معهد الوطني للتراث بتونس ممثلا في اللجنة العلمية للمؤتمر، على أن يكون رئيس المؤتمر ومقرره حاتم الجوهري أستاذ النقد الأدبي والدراسات الثقافية المنتدب بالجامعات المصرية، والمشرف على المركز العلمي للترجمة بهيئة الكتاب.
وتضم اللجنة العلمية للمؤتمر باقة من الأسماء العربية الجادة وصاحبة الأثر شملت: د.فوزي محفوظ (تونس)- د.سمير الشميري (اليمن) – د.محمد الصالح قادري (تونس) – د.أريج البدراوي زهران (مصر) – د.سليمة مسعودي (الجزائر) – د. عبد الحكيم خليل (مصر) – د. عمر كامل حسن (العراق).
ومن المهم الإشارة إلى أن فلسفة المؤتمر المنشورة في دعوته قامت على أربعة أعمدة رئيسية هي: البحث عن “المشترك الثقافي” وعناصره بين الدول العربية، تجاوز إرث التناقضات الثقافية تركة “مرحلة ما بعد الاستقلال”، إعادة توظيف عناصر المشترك الثقافي، السعي للترويج للفكرة وطرحها للتداول العالمي وتعديل الاتفاقيات الثقافية الدولية ذات الصلة.
وفي الوقت نفسه يهدف المؤتمر للترويج لمشاريع تطبيقية لتفعيل منهج “الدراسات الثقافية المقارنة” العربية، والبحث في العناصر الثقافية المشتركة، والتأكيد عليها، والنظر في كيفية إعادة توظيفيها واستدامتها، من ثم التمهيد لمشاريع طرحها للتداول على المستوى العالمي، في الاجتماعات الدورية والجمعيات العمومية للمنظمات الدولية ذات الصلة، والدعوة لمجال بحثي جديد في الدول العربية تحديدا تحت اسم “الدراسات الثقافية العربية” المقارنة، وتأسيس الكراسي العلمية بهدف تهيئة البيئة البحثية لنمو هذا المجال الجديد.
وكان د. حاتم الجوهري قد مثل مصر في مؤتمر التراث الثقافي غير المادي في الصين عام 2017م، وشارك في الورشة التي نظمتها اليونسكو بالقاهرة عام 2018م لتفعيل اتفاقية عام 2003م لصون التراث الثقافي غير المادي، كما طرح في عام 2019م “مبادرة تبادل المزيج الثقافي بطريق الحرير الجديد” في لقاء مع ممثلي “الأكاديمة المركزية للسياسات الثقافية” الصينية نظمته السفارة الصينية بالقاهرة، كما شارك في عام 2021م في صياغة “وثيقة ثقافية شعبية” حول سبل تطوير العلاقات المصرية السودانية.
بالإضافة إلى اضطلاعه بتفعيل “المركز العلمي للترجمة” بهيئة الكتاب، والذي اهتم بفكرة “الترجمة للآخر” لعرض وجهة نظر الذات العربية كما طُبق في عدة مشاريع عملت عليها هيئة الكتاب مؤخرا مع الصين وأفريقيا وأوربا، وآخرها كان بالتعاون مع وزارة الأوقاف.
والجدير بالذكر أن الموعد النهائي لتلقي الملخصات البحثية للمشاركة في مؤتمر “المشترك الثقافي بين مصر وتونس.. الواقع والآمال”، ينتهي في 10 يناير 2022م، وأن الأبحاث ستصدر في كتاب يرافق انعقاد المؤتمر وجلساته.