حوار أعدته وأجرته الأستاذة/ رضا أحمد موجهة التربية النفسية
– في البداية هل يمكن أن تعرفنا بسيرتك العلمية والمهنية؟
– أنا من مواليد قرية بلقس مركز قليوب محافظة القليوبية (31 يناير 1970) وحصلت على ليسانس الآداب من قسم علم النفس جامعة بنها دور مايو 1992. وخدمت بالقوات المسلحة المصرية (1992-1993) . ودرست تمهيدي الماجستير بقسم علم النفس كلية الآداب جامعة عين شمس(1994-1995) . ودبلوم علم النفس الإكلينيكي بقسم علم النفس كلية الآداب جامعة عين شمس (1995- 1996) . وحصلت على درجة الماجستير (1998)، والدكتوراه (2003). ودرست الخط العربي بمدرسة خليل أغا بباب الشعرية وهي المدرسة الأولى بمصر. وعملت بشركة سعودية للصحافة والإعلام والتوثيق العلمي من عام 1993-1995. وعملت أخصائي نفسي بقسم النفسية والعصبية بمستشفى الساحل التعليمي ، ثم اخصائي نفسسي بإدارة قليوب ، وموجه تربية نفسية ومدرب في علاج صعوبات التعلم وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم واستشاري القياس والإرشاد النفسي بالدوحة من 1سبتمبر 2000 إلى 1سبتمبر 2007. وقمت بتدريس منهج تأهيل الشباب للعمل مع المعاقين بمعهد الدراسات العليا للطفولة جامعة عين شمس . ونشرت أكثر من أربعين بحثا في المجلات العلمية المحكمة ” دراسات نفسية تصدر عن رابطة الأخصائيين النفسيين المصرية ، وعلم النفس وإبداع والرواية تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وضاد دورية تصدر عن اتحاد الكتاب المصريين. وعمان الثقافية تصدر عن أمانة عمان الكبرى ، والتربية تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون بالدوحة ، وتحديات ثقافية بالقاهرة. وعالمي مجلة تهتم بشئون المعاقين تصدر بالشارقة بدولة الإمارات. كما نشرت المقالات الثقافية والسياسية وقصائد الشعر في بعض الصحف منها “القاهرة تصدر عن وزارة الثقافة المصرية، والراية والشرق والوطن بالدوحة وأخبار الأدب والمصري اليوم واليوم السابع والنشرة الدورية لرابطة الأخصائيين النفسيين بالقاهرة. وشاركت في العديد من المؤتمرات العلمية الدولية والإقليمية في علم النفس والتربية الخاصة والأدب داخل مصر وخارجها. أقمت ورش عمل ودورات تدريبية وندوات عامة في القياس النفسي للفئات الخاصة والإرشاد والتوجيه النفسي وقراءة الأدب والفن من منظور علم النفس في مصر وخارجها. طبعت مؤلفاتي في ” المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة ، والهيئة المصرية العامة للكتاب، ومؤسسة طيبة بالقاهرة ، ومؤسسة الوراق بعمان. والهيئة الإستشارية للنشر والتوزيع بالقاهرة. وضفاف للنشر والتوزيع ببيروت.
– عايزين نحلل حروفك اسمك من خلال ارقام توضع بدلا من الحروف مثلا خ ا ل د هي 7+1+5+8 = 21 = 1+2= 3 . والرقم 3 يشير إلى انك نشيط ومتناسق في تعاملاتك مع الآخرين ، وميال للتمتع بالحياة ، واجتماعي ، وصحبتك حلوة ، ويحبك الناس .. إلى أي مدي ينطبق عليك هذا الوصف؟
– كنت فيما مضى نشيط وحيوي والآن مع التقدم في العمر ونقص الأحلام الشخصية والطموح المستقبلي صرت أقل حيوية ونشاط لدرجة أرفض فيها كثير من الدعوات والمهام التي كنت اذهب إليها كثيرا في الماضي وقد يعود ذلك لتحقق الكثير مما كنت أحلم به، اما عن حب الناس فأعتقد أن بعض زملاء المهنة وبعض الاكاديميين لا يجمعني بهم الود الكافي بسبب المنافسة العلمية ، فأنا لا أطرق أبواب المسئولين لنيل وظيفة بالرغم من إلحاح الكثيرين عليَّ من أجل ذلك، فأهل العلم يؤتى إليهم ولا يذهبون هم للأخرين حتى أني اقتنعت بما كتبه جمال حمدان على باب بيته ” ممنوع زيارة الجغرافيين ” فأصبح شعاري ” ممنوع زيارة السيكولوجيين ” ، وأغلب اصدقائي من الأدباء والشعراء والفنانين والصحفيين والنقاد. وانا لست اجتماعي بسبب طموحي العلمي الذي يجعلني اندم على أي وقت يضيع في أي مناسبة وأفضل أن اقضي هذا الوقت في الكتابة أو القراءة أو التأمل، ومن كثرة الصدمات التي تلقيتها من الناس أصبحت زاهدا فيهم إلا إذا وجدت شخص يتسم بالإخلاص والتضحية والحب والصدق وهم قلة في الحياة. ولقد ذكرت ذلك في كتابي “من أعلام علم النفس المعاصرين”.
– في حوارك مع إذاعة مونتكارلو بباريس ببرنامج افكار تحدثت عن التحليل النفسي والأدب هل تخبرنا بما دار في هذا الحوار؟
– هذا الحوار كان بمناسبة صدور كتابي التحليل النفسي والأدب وتحدثت عن علاقتي بعلم النفس التي بدأت قبل دخول الجامعة حيث قرأت في الثانوية العامة مؤلفات عباس محمود العقاد المتعلقة بالشخصيات التاريخية والدينية وهي ما تسمى “العبقريات” وتأثرت بمفتاح الشخصية لدى كل صاحب كتاب وتمنيت لو أدرس علم النفس ومن هنا كانت دراستي لعلم النفس عن قصد وترصد. وتحدثت عن الشاعر السوري عيسى الشيخ حسن ودلالة الحزن في قصائده وتناصه مع القرآن الكريم في الكثير من القصائد وكذلك توحده مع نبي الله يوسف. وتكلمت عن نجيب محفوظ وكيف أنه استبصر ذاته ومستقبله وجائزة نوبل من خلال شخصية عاشور الناجي بطل الحرافيش. وتكلمت عن الشاعر السوري نزار قباني ودلالة الشفاه في شعره وكيف أنه دخل مخدع النساء ونسي أن يخرج منه وتأثير موت أخته المبكر في حياته العاطفية وكيف عاش تجربة الوحدة بعد مقتل زوجته العراقية بلقيس.
– هل تعود بالذاكرة غير المكتوبة لأشياء محددة في حياتك؟
أول تلك الذكريات كتاب القرية الذي لم يروق لي بسبب سرعة الفهم والحفظ التي لم يتفهما مشايخ الكتاب فكنت لا استمر مع أحدهم كثيرا ، فعلمني أبي الكتابة والقراءة والرسم قبل دخول المدرسة وبالتالي كنت أقرأ كل الكتب بما فيها الهوامش التي تخص المعلم وكانت معلمتي الأستاذة عزيزة عبدالمنعم تجعلني أصحح معها دفاتر الزملاء وتنبأت لي بمستقبل علمي حين قالت لي ” ستكون مثل رفاعة الطهطاوي ” ، وكان ابي يحرص على ان ارتدي ملابس عصرية بالمدرسة الابتدائية منذ الصف الثاني ، ولما أقبل الصف الرابع تأخر في شراء الملابس الجديدة وذهبت للمدرسة في اليوم الأول بملابسي القديمة ووقفت في تابور المدرسة وإذ بأبي يأتي وينادي علي لأخرج من التابور ويذهب بي بعيد عن التلاميد ويجعلني اخلع الملابس القديمة لأرتدي الملابس الجديدة التي ذهب واشتراها في الصباح فقد كنت في الفترة المسائية بعد الظهر وهذا الموقف لا زلت أذهل له كلما تذكرته ولا أعرف أي روح كانت تسكن أبي عليه رحمة الله. واذكر أمي أمد الله في عمرها التي علمتني أنه لا يوجد شيئ أسمه مستحيل فهي قادرة على صناعة المستحيل ولا يقف شيئ أمام قدرتها على العطاء والصمود . وأذكر استاذي الشيخ عبدالحميد شاهين مأذون قليوب البلد وإمام وخطيب مسجد بيبرس حين قال لي ” سوف تحصل على الدكتوراه” وكنت طالبا في الصف الثاني الإعدادي بمدرسة بلقس. وكنت دائما مندوب الفصل في التربية الفنية طوال سنوات الدراسة ونلت جوائز في الرسم أثناء الجامعة وجائزة الشباب المتميز دينيا من المجلس الأعلى للشباب والرياضة عن بحث حول شخصية الصحابي الزبير بن العوام.
– ما هو أجمل سطر كتبته في حياتك؟
– كتبت أشياء جميلة كثيرة ولكن هناك بعض قصائد الومضة تعجبني واذكر لكِ بعضها. “مثلي في الفلك كلما اكتمل هلك. انتصار واحد لي هو لك قلبي وما ملك. يتساقط الدمع على رأسي كلما هزتني الذكرى. تولد خجلى في الضحى تتركني ظهرا ارتجف. تشرق شمسك نغدو ظلا واحدا. بين ذراعين تبعث كلما مت.”
– نراك تنتقد كثيرا في المكاتب الفنية ، لماذا؟
– هذا صحيح ولكن دافعه الأساسي هو حب المهنة والغيرة عليها وحرصي على الشباب الذين يقومون بأداء هذه المهنة فلا يقبل من أحدهم أن يتحدث بالعامية طول الوقت ولا ان يستخدم مصطلحات غير علمية في حديثة، كما أني أرى حياء مزيفا لدى بعضهم عند الحديث عن بعض المشكلات الجنسية وكأننا نتحدث في مجلس أنس ولسنا في محفل علمي جاد هذا في رأي يعبر عن نظرتهم السلبية للاجتماعات في الوقت التي ارها وكأنها تحفها الملائكة لأني اقوم بتحضير اللقاء والاعداد له لدرجة أني لا انام جيدا في تلك الليلة التي تسبق الاجتماع ، من هنا تكون حدتي احيانا وغضبي في احيان كثيرة.
– كيف كانت بدايتك في التأليف وأهم المحطات ؟
– اول قصيدة كتبتها كنت في الصف الخامس الإبتدائي وكانت عبارة عن غزل في زميلة في المدرسة ، ثم توالت الكتابة حتى نشرت أول قصيدة في صحيفة الحقيقة وأنا في الصف الثالث الإعدادي وكانت بعنوان ” غدا يكون الحلم” ونشرت بعض المشاركات في مجلة الثقافة التي كانت تصدر عن مركز شباب بلقس عام 1986. ثم عملت بالصحافة فور التخرج من الجامعة بجريدة النور الإسلامية وعملت في الوسط الثقافي بعد ذلك وبدأت النشر العلمي بالصحف الخليجية أثناء عملي خارج مصر ثم بعد عودتي نشرت اثنى عشر كتب وفي المطبعة حاليا ستة تنتظر الخروج للنور، ونشرت ديوانين من الشعر بعنوان ” وحي التجلي و عروس البحر لا تدخل الجنة “، وعملت مدير تحرير مجلة الرواية .
– يقال عنك أنك “أديب العلماء” كيف تحقق ذلك وهل توافق عليه؟
– اوافق على ذلك ولقد قال كثير من الادباء والمفكرين والعلماء هذا الوصف في مقدمات كتبي وفي القاءات الخاصة والعامة، بل قيل ما هو أكثر من ذلك ولمن يريد الإطلاع ، عليه الرجوع إلى تلك المؤلفات ، اما كيف تحقق؟ فقد بدأت القراءة مبكرا وكان ذلك بفضل أبي الذي كان يأتي لي كل يوم بكتاب أو مجلة أو جريدة (كل يوم) حتى تكونت لدي مكتبة كبيرة وأنا في سن صغيرة وقرأت في كل فرع المعرفة وبخاصة الأدب شعره ونثره ونقده ولذلك كان من السهل عليَّ تناول الدراسة النفسية للأدب وتقديم ثمانية عشر بحثا في هذا المجال.
– هل العمل كأخصائي نفسي حقق عندك الرضا والاشباع الذاتي أم كنت تتمنى العمل كأستاذ جامعي؟
– طبعا العمل كأخصائي نفسي أدين له بالكثير مما تحقق في حياتي العلمية فقد وفقني الله تعالى وأجريت بحوث كثيرة في اماكن عملي على عينات من الذين قدمت لهم الخدمة النفسية وكذلك حققت لي هذه المهنة المستوى المادي المرتفع الذي لا يقل بل يفوق أحيانا بعض أساتذة الجامعة بعد أن سافرت للعمل خارج مصر بل يسرت لي السفر والترحال للمشاركة في المؤتمرات الدولية والمحلية وسهلت لي الطريق لنشر مؤلفاتي داخل مصر وخارجها، وبرغم كل ذلك الفضل أشعر في أعماقي ببعض الأسى لأني كنت اتمنى أن أنقل العلم الذي تعلمته إلى الإجيال الجديدة دون النظر إلى العائد المادي الذي لم يشغلني ، ولكن ما دامت هذه إرادة الله فأنا أقبل ذلك ، وعزائي أن الله منَّ على بالقدرة على الإبداع والتأليف بشكل يفوق أقراني الذين عملوا بالجامعة بل يفوق الكثيرين من الأساتذة الذين شغلوا وظائف جامعية دون أن يقدموا لمصر على قدر ما أخذوا منها.
– ما هي جوانب ضعفك ؟
– مصر وكل ما يتعلق بها سواء كنت فيها أو خارجها كانت تملك عليَّ خلجات نفسي وهي نقطة الضعف عندي، وكذلك علم النفس وكل ما يتعلق به وبطلابه وخريجيه أجدني ضعيف امامهم.
– هل توجد شخصيات عامة تركت اثرا في حياتك؟
– نعم اولهم الشيخ محمد الغزالي والشعراوي، ونجيب محفوظ ، والدكتور مصطفى محمود وكل الشخصيات اللاتي كتبت عنهم مؤخرا.
– اقام المجلس الأعلى للثقافة بمبنى الأوبرا لك حفلا لكتاب نجيب محفوظ وسردياته العجائبية حدثنا عنه؟
– هذا الحفل كان بمناسبة مرور 100 سنة على ميلاد نجيب محفوظ ولقد حضرة عددا من النقاد والروائيين والجمهور وتحدث الجميع عن مميزات الكتاب وسلبياته ، وكان من المواقف الطريفة فيه أن لجنة مناقشة هنأتني بالكتاب وهي تظن أني خريج كلية دار العلوم وأن الكتاب جزء من رسالة الدكتوراه. وطبعا انتابتهم الدهشة لما علموا بتخصصي الدقيق في الدكتوراه وهو القياس النفسي للفئات الخاصة والمرضى النفسيين.
– متى تقول لا؟
– عندما يتعلق الأمر بأي تنازل عن الحق والخير والجمال ومكارم الأخلاق ساعتها أقول لا بدون تردد.
– ما هي عاداتك في الكتابة؟
– عندما أبدأ في الكتابة أغلق المكتب ولا اتواصل مع أحد وعادة ما أبدأ الكتابة قبل الفجر إلى السابعة ومن بعد العصر حتى العاشرة ، وأنام من اربع لخمس ساعات يوميا فقط ولذلك فعندي شعور دائم بالارق منذ زمن طويل يعود لانشغال ذهني دائما بقضايا الفكر والفن والعلم والأدب والسياسة والطموح في تقديم أشيء مفيدة تخدم علم النفس.
– ما هي نصيحتك لللأخصائيين النفسيين ؟
– عليهم بالقراءة والاطلاع على البحوث والمراجع الحديثة في المجال ، ولا يعتبرون أنفسهم حققوا غايتهم بالوظيفة والحصول على المرتب في نهاية الشهر، كما أتمنى أن أجد الكثير منهم يسجلون دراساتهم العليا حتى يرتفع مستوى المهنة ونقدم نماذج طيبة للمجتمع، وعليهم أن يفخروا بتخصصهم العلمي لأني اجد بعضهم يتوارى من القوم عند ذكر مؤهله العلمي.
– ماذا ستقدم لنا قريبا؟
– كتاب “خمس حالات في التحليل النفسي” وهي دراسات حالة ميدانية تطبيقية تساعد الاخصائي النفسي على اجراء دراسة الحالة، واستخدمت فيها كل فنيات دراسة الحالة من مقابلات وادوات وسجلات ووثائق….الخ
– أنت مهتم بعلم النفس الإيجابي حاليا فهل تحدثنا عنه في عجالة ؟
– في مطلع الخمسنيات من القرن العشرين ظهرت بوادر الاتجاه الايجابي في علم النفس وبدأ الباحثون الخطى على طريق جديد حيث بدأ الاهتمام بدافعية الانجاز والخصائص الانسانية الايجابية والأمن النفسي وتقدير الذات ثم تلا هذه المرحلة ما تم تناوله من موضوعات في الثلث الاخير من القرن الماضي وهي : الصلابة النفسية والموائمة ومقاومة الضغوط والتحدي والصمود ، ومع نهاية ذلك القرن تبلور علم النفس الايجابي حيث كتب مارتن سليجمان وميهالي سيكزنتمالي مقالات في مجلة الأخصائي النفسي الامريكية وأبرزا ما كتبه السابقون حول الجانب السلبي على حساب الجانب الايجابي في علم النفس. حتى صدرت مجلة علم النفس الايجابي عام 2006 .
– هل هناك اخصائيون نفسيون مهتمون بهذا الجانب؟
– نعم يجرى حاليا عددا من البحوث حول الجوانب الايجابية الاخلاقية في مدارس سميحة صدقي الثانوية للبنات وزاوية النجار الاعدادية المشتركة ومجمع رمادا الإبتدائي واتمنى ان ننتهى منها هذا العام.
– تقول شكرا لمن؟
– لكل القراء الأعزاء الذين يروق لهم ما أقدمه من إبداع ، ولك على التفكير في هذا الحوار ولمن لن يعجبه بعض الاجابات على بعض الأسئلة أو كل الحوار.