بصفتنا وبكوننا ولدنا لأسرة معينة وعرق ودين وثقافة معينة يجعلنا فخورين بها جدًا ومخلصين للحفاظ على جميع تقاليدنا وثقافتنا وحضارتنا وبإصرار وهذا شيء جميل.
وبينما نستمر في الحفاظ على هذه العادات، وعند الانتقال إلى بلد جديد، تصبح الناس قلقة للغاية بشأن الحفاظ على تقاليدهم وثقافتهم وتصبح أكثر صرامة وشدة على سلوك أطفالهم وأولادهم. لذلك، في حين أنه من الجيد أن نفتخر بتراثنا وتقاليدنا ونعمل بجد للحفاظ عليها، فقد لا نرى الصورة الكاملة والواضحة عن حياة أبنائنا ومعاناتهم. فقد لا يمتلك الوالدين الخبرة والفهم لمعرفة ما يمر به أطفالهم ومعاناتهم خارج المنزل. الحياة بصورة عامة صعبة على الآباء والأطفال ولكن بطرق مختلفة. قد يكون لدى الوالدين العاملين معرفة وفهمًا أوسع لما قد يواجهه أولادهم عندما يدرسون أو يعملون لأن لديهم الفرصة للخروج من المنزل والالتقاء بالناس والخوض في تجارب مختلفة في الحياة. ومع ذلك، فإن الوالدين الذين لا يعملان أو لم يتلقوا الكثير من التعليم أو التفاعل مع العالم الخارجي قد لا يكون لديهم مهارات اجتماعية أو تعلموا ما يكفي من دروس الحياة لتمريرها إلى أطفالهم. إن تربية الأطفال لا تعني تزويدهم بالحب والطعام والمأوى والتعليم فقط. يعتقد الآباء في كثير من الأحيان أن واجباتهم ليست سوى هذه العوامل، لكنهم ينسون أن كل فرد يحتاج إلى تعلم مهارات الحياة من والديهم وتطوير مهاراتهم الشخصية خلال كل مرحلة من حياتهم والتزود بالمواقف والتفكير الصحيحين للتعامل معها ومع زيادة ضغوط الحياة ومتطلباتها. إن هناك عدد قليل جدًا من الأناس محظوظين لأن والديهم مجهزين بالمهارات الفكرية المناسبة لخوض معارك الحياة والتي يمكنهم نقلها إلى أولادهم وبناتهم لتسليحهم بهذه المهارات العقلية والجسدية لمساعدتهم العيش مع هذه الحياة. ولكن أغلبية الأهالي لا تفعل ذلك ولكنهم في نفس الوقت يواصلون محاولة التأثير على أطفالهم ومطاليبهم دون أن يعرفوا أنهم أنفسهم غير مؤهلين لفهم ما يمر به الأطفال لإعطائهم التوجيه الصحيح والنصيحة الملائمة. وهذا هو المكان الذي يخطئون فيه لأنهم يعتقدون أنهم الأهل الذين لديهم كل خبرة أو معرفة عن الحياة. وخاصة نجدها من الأهل المقيمين في المنزل معظم أوقاتهم والذين ليس لديهم الكثير من التعرض أو الخبرة في العالم الخارجي. فكيف يمكن أن يرشدوا هؤلاء الآباء أطفالهم الذين يدرسون في الجامعة إذا لم يذهبوا إلى الجامعة بأنفسهم. كيف يمكنهم فهم ما يمر به الطفل أو لإعطائهم النصيحة الصحيحة. نحن جميعًا نحب والدينا ولكن هذا لا يعني أنه يتعين علينا الموافقة على كل قرار يتخذونه أو يتبعونه لأنهم قد يكون لديهم خبرة محدودة في العديد من مجالات الحياة وفي بعض الأحيان قد تسبب قراراتهم في خلق مشاكل في حياة أولادهم. وقد نتذكر جميعًا بعض القرارات أو المواقف التي أعطاها لنا آباؤنا ولم نتفق معها وقد شعرنا بالغضب الشديد تجاههم ولكن مع مرور الوقت ومع تقدمنا في السن نميل إلى مسامحتهم والقول إن هذا هو مقدار معرفتهم وإدراكهم للأمور و إنهم آمنوا بأنهم أعطونا القرار الصحيح حتى لو لم يكن كذلك.
محظوظون هم الأطفال الذين لديهم آباء وأمهات مجهزون بالمهارات الحياتية الصحيحة والتي تنتقل تلقائيا إلى أطفالهم ولكن هولاء ليست نسبتهم بأعداد كبيرة وهذا يعني أن الغالبية العظمى منا قد مررنا بأوقات عصيبة بمفردنا وعانينا جدا. لقد كنا مرتبكين للغاية ضعيفين ولم نعرف كيف كان يجب علينا أن تتصرف في العديد من المواقف التي مررنا بها وكان لهذا تأثير كبير على حياتنا ودفعنا الثمن الكبير مقابل ذلك. ويزداد الأمر سوءًا بمئات المرات عندما ننتقل من بلد إلى آخر. وفجأة، يصبح اهتمام والدينا الرئيسي هو البقاء داخل مجتمعنا الصغير، والتحدث بنفس اللغة (اللغة الأم)، وحضور أماكن العبادة والتجمعات الاجتماعية المحددة والاختلاط مع أبناء جاليتنا فقط. وقد يبحث البعض عن عمل لكن كثيرون قد لا يفعل ذلك لأن الحكومة الاسترالية تقدم لهم بدلات للبقاء عاطلين عن العمل في البيت وهذا يعني المزيد من الوقت الذي يقضونه في المنزل أو التقوقع داخل مجتمعهم الصغير. وفي منتصف هذا يكون لديهم أطفال أو أولاد قد يذهبون إلى المدرسة أو الجامعة أو ينوون الحصول على وظيفة. وعندما يخرجون هؤلاء خارج منازلهم، يحتاجون إلى الاختلاط بأشخاص يتحدثون لغة مختلفة، ويؤمنون بدين مختلف أو ليس لديهم دين ولديهم مجموعة مختلفة جدا من الثقافات أو التقاليد. وهنا تبدأ الصدمة لأولادنا ومن الصعب جدًا أن يعيشوا كل يوم في عالمين مختلفين جدًا من العادات والتقاليد. هذه العوامل تخلق الكثير من الارتباك والاضطراب في أطفالنا والذين قد لا يتحدثون عنها ولكنهم يعيشونها ويجربونها ويشعرون بها ويعاني البعض منها بشكل كبير. وقد لا يتمتع بعض الأطفال بمرونة قوية وقد يتسبب ذلك في مشاكل صحية عقلية مختلفة أو اضطرابات أو مشاكل في المنزل أو في مكان العمل.
من المهم جدًا ومطلوب من الآباء والأمهات توسيع نطاق معرفتهم وفهمهم للبيئة الجديدة والبلد الذي جلبوا أطفالهم إليه. في حين أن وظيفتهم لم تكن سهلة في الوطن الأم، ولكن وفي نفس الوقت إنهم بحاجة إلى تحمل مسؤولية إضافية تجاه الصحة العقلية والجسدية لأطفالهم. يحتاج الوالدين إلى العمل على أنفسهم قبل العمل على أطفالهم، وهذا ليس بالأمر السهل بين جميع متطلبات الحياة الأخرى. ويجب أن يكون لكل والد بما في ذلك الأمهات دور كبير في ذلك.
-إن إحضار عائلة إلى بلد جديد هي مهمة كبيرة جدًا، وفي بعض الأحيان قد ينتهي الأمر بالعائلات بفقدان أطفالها بدلاً من إنقاذهم اثناء جلبهم إلى بلد أفضل. إنه لا بأس بالتمسك ببعض التقاليد والثقافات، لكن القدوم إلى بلد جديد يعني أنه يجب على الآباء البدء في الاندماج أيضًا لتعلم المزيد وتمرير بعض المهارات لأطفالهم وفهم ما يمر به الأطفال.
من المعروف جيدًا أن الاختلاط بأشخاص من مختلف الثقافات والأعراق والدين يجعلك تكتسب الكثير من المهارات ويوسع نظرتك إلى الحياة. ويعد تعلم لغة جديدة أمرًا ضروريًا للغاية لجميع الأعمار حتى تتمكن من التواصل والاختلاط مع الآخرين. لن يضيف العيش في فقاعة داخل مجتمعات صغيرة جدًا الكثير لتقدمك أو تقدم أطفالك. إن السماح لك ولأطفالك بالاندماج سيتيح لك فرصًا مختلفة لتنمية وتطور أطفالك وعائلتك. وسيؤثر الوالد المنغلق عن غير قصد على حياة أطفالهم وتقدمهم. الوالد المنفتح يمنح أطفالهم فرصة أفضل للنجاح والتقدم وتحسين الحالة النفسية للأطفال. ومن المهم ملاحظة أن توجيه الوالدين مهم جدًا عندما يكون لدى الوالدين خبرة ومعرفة أوسع من أطفالهم ولكن ليس عندما يكون لديهم تعرض محدود للغاية للحياة الحقيقية. قد يكون العيش في فقاعات كمجتمعات صغيرة منطقة راحة لكثير من الناس ولكنك لن تتقدم إذا بقيت في منطقة الراحة الخاصة بك وسيكون لهذا تأثير على أطفالك، إلا إذا تمرد الأطفال واختاروا طريقة أخرى للعيش.
لكل ثقافة قيمها الجيدة، لكن بعضها مناسب لفئة معينة والبعض الآخر غير مناسبة. من المهم تشجيع أنفسنا وأطفالنا على الاختلاط والاندماج والتعلم واكتساب الخبرات. لا بأس أيضًا إذا لم نفهمها بشكل صحيح من البداية أو فشلنا. يجب أن يتعلم الآباء أنه لا بأس في أن نفشل لأننا في كل مرة نكتسب فيها الخبرة ومع كل درس نتعلمه نفتح طريقًا إلى حياة أكثر نجاحًا وحكمة.
اعطوا وقتا لأطفالكم، علموا أطفالكم أن الفشل ليس بعيب وإنما الدروس المتعلمة من الفشل هي الطريق إلى نجاح أكبر. لاتحبوا التقاليد والعادات أكثر من حبكم لأولادكم. لاتكونون متعصبي وضيقي التفكير لانه ثماركم سوف يجنيها أولادكم. الانفتاح على الثقافات الأخرى مهم واختيار العادات والدروس الجيدة من الثقافات الأخرى مهم لتطوير أنفسنا . تعلموا واختاروا العادات والتقاليد الجيدة من كل مجتمع وغيروا من عاداتنا التي قد لاتواكب الحياة والعالم الآن. ايجاد التوازن في كل شي مهم وخاصة في تربية أطفالنا وليس كل قرار نتخذه هو صحيح ويجب أن نتقبل أخطاءنا ونعترف بها أيضا نحن كوالدين .
التربية مهمة صعبة جدا في كل مراحلها وخاصة في بلدان جديدة أو بلدان المهجر ولكن بتثقيف أنفسنا وتوسيع أفكارنا والتعلم على قبول أفكار وعادات جديدة تتماشى مع تقدم العصر والحياة في البلد الجديد مهم جدا وعوائلنا ولأطفالنا ومن ثم لمجتمعاتنا. ولاتتوقع أي إنجاز إيجابي أو عالمي من أي طفل محبوس، مضغوط، أو مقيد فكريا. الاندماج والاختلاط والتعلم والاستجمام عوامل أساسية جدا لسلامة العقل والصحة النفسية لأي شخص.