كتب يسري حسان:
لاتصدق ،أخي المشجع الكروي ،الذي يهري نفسه ويتمزق كبده وتتداعى أعضاؤه كلها لهذا الكبد الممزق، كلما خسر فريقه أو تعسر في بطولة هنا أو هناك، لاتصدق أن مصر فيها كورة بجد.. نحن في الكورة ،مثلما في كل حاجة، ناس على باب الله.
أما السبب فيعود جزء كبير منه إلى تركيبتنا الشخصية ذات نفسها..لدينا مواهب عظيمة في كل المجالات..الصنايعي المصري مثلا من أشطر الصنايعية في العالم.. لكنه إذا افتتح ورشة وفتح الله عليه وحظي بثقة الناس ،تجده تكاسل وطلصق شغله حتى انصرف عنه الجميع.. وبتاع الكشري إذا ذاع صيته ووقف الناس في طوابير أمامه، يبدأ في غش المونة ورفع السعر وشتم الزبائن حتى يذهبوا إلى عربة أخرى أو دكان آخر ..وهكذا.. تركيبة مصرية بامتياز.. التعميم صعب طبعا لكنها الغالبية حتى لانجلد أنفسنا مع إنها تستحق الجلد.
أما لاعب الكرة فيكون صبيا على باب الله وتأتيه الفرصة للعب في أكبر الأندية وتنقلب حياته رأسا على عقب، يكون في جرة فعلا ثم يخرج لبره، وبدلا من أن يحافظ على موهبته تجده مقضيها سهر وكافيهات وبنات قمرات زى الشربات.. ومعسل على كل الماركات.. فينزل إلى الملعب وكأنهم ربطوا له في رجله أكياسامن الرمال.. والنماذج كثيرة وانت تعرفها.
لاعب الكرة الذي لديه قدر، ولوبسيط، من الثقافة والوعى يدرك عندما يحترف أن مهنته أصبحت”لاعب كورة” يعني كل شيء عنده بحساب .. الأكل والشرب والنوم والتدريب..حتى الهزار مع الست بتاعته.. ويدرك كذلك أنها فترة زمنية قصيرة وتنتهي وأن عليه استغلالها بشكل أمثل حتى يكرمه الله ويحقق خلالها مايريد.. محمد صلاح نموذجا.. وهناك لاعبون كثيرون لايقلون موهبة عن صلاح وكان بإمكانهم أن يصبحوا من أشهر اللاعبين في العالم .. لكن تعمل إيه في الأدمغة البايظة.
النتيجة مانراه من عك كروي في مباريات الدورى المصري، ولاتقل لي أن الأهلي أو الزمالك مثلا حصلا على بطولات إفريقية كثيرة، أغلب الأندية الإفريقية على باب الله، لكنهما لو لعبا مع فرق عالمية واخدة المسألة جد لأمطرتهما بوابل من الأهداف.
وأنت لو غاوي كورة فمن المؤكد أنك تشاهد الدوريات الأوروبية وتستمتع بالكرة التي على أصولها، اللاعبون بشر مثلنا تماما ومنهم من ينتمى إلى بلادنا ..مصر وغيرها، لكنهم يمارسون الكرة زي الكتاب مابيقول، ويعرف كل واحد منهم أنه كلما التزم وأخلص وحافظ على موهبته كلما استمر في الملاعب وارتفع سعره.. وبمناسبة الأسعار والأجور المرتفعة جدا فهذا أمر طبيعي لأن المسألة عرض وطلب.. بارك الله لهم في أرزاقهم وزادهم من نعمه.
أغلب اللاعبين تبعنا في حاجة إلى شيء من الوعي والثقافة وربط الصواميل المفكوكة.. وصدقني لو أن هناك أسسا علمية وأخلاقية تتبعها أنديتنا في التعامل مع لاعبيها لصار لنا شأن آخر في كرة القدم.. لكن تجيب منين وبعض من يقودون هذه الأندية اصلا في حاجة إلى إصلاح وتأديب وتهذيب.. مكانهم الطبيعى مستشفى المجانين؟
نقلا عن المساء