أقامت حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” بمصر بمقرها في وسط القاهرة ندوة ظهر أمس السبت في الذكري الـ 74 للنكبة الفلسطينية، والتي يتم إحياء ذكراها سنويا في الـ15 من مايو حيث اتُّفِق على أن يكون يوم الذكرى هو اليوم التالي لذكرى إعلان قيام دولة “إسرائيل” والذي تم في 14 مايو عام 1948م، وذلك للنذكره بما قامت بها العصابات المسلحة الصهيونية من إرهاب ومجازر منظمة في حق أهل فلسطين لطردهم من بلدانهم والاستيلاء عليها، والتأكيد على الحق الفلسطيني في الأرض والبلاد والحياة، وخاصة حق اللاجئين الفلسطينيين المهجرين في العودة إلى بلدهم.
شارك في الندوة كل من السفير الفلسطيني في القاهرة السيد/ دياب اللوح والدكتور حاتم الجوهري أستاذ النقد الأدبي والدراسات الثقافية المنتدب والباحث المهتم بالشئون الصهيونية والاسرائيلية، وأدار الندوة الدكتور/ محمد غريب أمين سر حركة فتح في مصر الذي افتتح اللقاء مؤكدا على أن النكبة وصمة عار في جبين الانسانية، ليس فقط لأنها نكبة شعب مر عليها ٧٤ عامًا دون عودة الحق لأصحابه، إنما لأنه العالم يكيل بمكيالين، مؤكدًا على الاستمرار في النضال ضد الاحتلال وتقديم الشهداء بالآلاف، مشيرًا على انه لن تكون آخرهم شهيدة الاعلام والكلمة ابنة القدس المحتلة شيرين أبو عاقلة.
وأشار الجوهري إلى أهمية أن تقدم الثقافة العربية رواية قابلة للتعاطف عالميا تخترق الهيمنة الصهيونية وروايتها السائدة عالميا، وأهمية تطور الوجود العربي في العالم إلى وجود نوعي وخطاب مؤثر، لافتا الانتباه إلى التغطية المنحازة والزائفة في بعض الجرائد الامريكية لواقعة اغتيال الإعلامية شيرين أبوعاقلة، ومؤكدا على أن الشعوب العربية بدمائها الذكية هي التي أوقفت صفقة القرن في عهد ترامب، حين تكسرت مخططات السيطرة الصهيونية على القدس والعدوان العسكري الإسرائيلي أمام موجات التضحية الباسلة التي قدمها العرب الفلسطينيون على ساحات المدينة وفي حدود البقعة المقدسة والمسجد الأقصى.
وحذر الجوهري من أن الرئيس الديمقراطي جو بايدن يحاول تقديم نسخة معدلة من صفقة القرن والاتفاقيات الابراهيمية يدفعه هدف جديد ووحيد؛ وهو إعادة ضبط التحالفات في المنطقة العربية والشرق الأوسط لمواجهة الصعود الروسي ومشروع الأوراسية الجديد واحتلال أوكرانيا، وأنه على العرب أن يطورا فكرة مركزية جديدة تتجاوز استقطابات القرن الماضي ليدافعوا عن حقهم الوجودي في عالم يتشكل الآن من جديد، مشيرا إلى أن المسألة الأوربية بأفكارها الرئيسية الكبرى الماركسية والليبرالية والوجودية دعمت الصهيونية قديما، الماركسية اللينينية اعتبرت الصهيونية في طبعتها الماركسية طليعة تقدمية في الشرق العربي، والليبرالية الغربية اعتبرتها امتدادا للتفوق الاستعماري الأبيض ببعده الديني البروتستاتني التوراتي، والوجودية السارترية اعتبرت الصهيونية واحتلال فلسطين تحريرا وجوديا ليهود أوربا من الهيمنة والاضطهاد النازي.
لذا علينا الآن أن نستبق اللحظة العالمية الراهنة ونقدم تصورا وجوديا ثقافيا عربيا فاعلا، قبل أن تعيد المسألة الأوربية إنتاج نفسها في أشكال واستقطابات ثقافية جديدة ويتذيل العرب القائمة ثانية.. مؤكدا على على صمود الشعب الفلسطيني وبسالته ووعي الشعوب العربية وقيامها بإرسال الرسائل الحاسمة في الأوقات المناسبة، لكن على الثقافة العربية ونخبها أن تجتهد أكثر وتتجاوز استقطابات القرن الماضي وتعبر عن طموح الشعوب العربية بالتحديث والنهضة واستعادة للذات.
من جانبه أشار السفير اللوح إلى أنه رغم التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني ومهما تعددت سنوات الشتات إلا أن صمود الشعب الفلسطيني وقيادته العظيمة لابد معه أن ينال شعبنا حقوقه وفي مقدماتها حق العودة إلى قراهم ومدنهم في فلسطين التاريخية، ومهما تعرضنا لضغوطات سنظل متمسكين بخطابنا السياسي ونتحدث كشعب فلسطيني واحد موحد تحت قيادة الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، وأن ما يجري في فلسطين والقدس والصفة الغربية اليوم هو صراع بين شعب تحت سلطات الاحتلال وبين القوة القائمة بالاحتلال لذلك نؤكد على حقنا وتمسكنا بارضنا الفلسطينية، وحقوقنا الشرعية، متحدثاً عن شفافية ووضوح الخطاب الفلسطيني اليوم الذي يستقطب كل يوم مزيداً من المتعاطفين والمؤيدين لحقوقنا الفلسطينية ويفضح ممارسات اسرائيل العنصرية امام العالم.