حاوره: محمد خالد عبدالغني
الأمية مرض أصاب البلاد مؤخراً، وخطر كبير ليس فقط بالنسبة للفرد وإنما بالنسبة للمجتمع ككل، وله عواقب كثيرة بشكل عام وبشكل خاص وهي من أكثر الصفات البشعة التى توجد عند الفرد لأن هذه الصفة تولد الشعور باليأس وتشعر الفرد بأنه مختلف عن باقي الأشخاص الذين يقومون بالعمل معه ويصيبه الاكتئاب، وتعتبر محو الأمية هدف دولي وعالمي حيث أن العالم كله أصبح يطالب بضرورة محو الأمية، فلم يصبح لها مكان وسط التقدم التكنولوجي والعصر المتطور والحديث، حيث الاختراعات والابتكارات والإبداعات التي تقدم في عصرنا هذا يحتاج إلى العلم الغزير، وليس للأمية والجهل مكان وسط هذا العالم، وقمت بمقابلة الدكتور الفاضل إسلام محمد السعيد مدير مركز تعليم الكبار بجامعة عين شمس ومنسق عام مشروع محو الأمية بالجامعة ودار الحديث حول موضوعات شتى بدءاً من جهوده العظيمة فى مجال تعليم الكبار ودور الهيئة القومية، ومجالات مركز تعليم الكبار بالجامعة، ودور شباب الجامعة في هذا الجهد، والحديث حول رأيه في كيفية تحقيق المعادلة الصعبة في عدم تسريب الأطفال من التعليم، ليستقر في وجدانك مهاراته الفريدة وحبه للخير وثقافته وتعليمه الراقي وخدماته التي أداها للوطن .
دعني أقدم سيادتكم للقاريء في كلمات؟
الدكتور إسلام محمد السعيد مدرس بقسم أصول التربية بكلية التربية جامعة عين شمس، ومدير مركز تعليم الكبار التابع لجامعة عين شمس، ومنسق عام مشروع محو الأمية بالجامعة.
متى تم إنشاء الهيئة القومية لمحو الامية وتعليم الكبار، ومركز تعليم الكبار التابع لجامعة عين شمس ؟
تم إنشاء الهيئة سنة ١٩٩١ في شأن محو الأمية وتعليم الكبار انطلاقًا من حق كل مصري في التعليم وأن يبقى متعلمًا ما بقى على قيد الحياة، وإيمانًا بأهمية محو الأمية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتم إنشاء مركز تعليم الكبار التابع للجامعة سنة ٢٠٠١، وهو أول مركز لتعليم الكبار على مستوى الجامعات المصرية، وله مجالات عديدة منها محو الأمية، التأهيل والتدريب، القوافل التنموية، والمؤتمر السنوى للمركز، ومجلة تصدر عن المركز.
ما الذي يجعل المواطن هو الذى يحرص على السعي إلى محو أميته بدلاً من سعى الهيئة؟
يجب التركيز على الدوافع، فالقراءة والكتابة ليست هدفًا وإنما وسيلة للوصول، فعندما يشعر الشخص بأن مصدر رزقه في الحياة مرهون بالحصول على شهادة محو الأمية يكون هذا في حد ذاته حافزًا لكي يحرص على الحصول عليها، بحيث لا يسمح لأي شخص الالتحاق بأية وظيفة حتى في القطاع الخاص إلا بشرط الحصول على شهادة محو الأمية.
هل هناك عوائق تواجهكم خلال القيام بدوركم؟
العمل في مجال تعليم الكبار ليس مفروشًا بالورود، وثقافة المجتمع تعتبر السبب الرئيسي في عدم تشجيع عدد كبير من كبار السن في العودة مرة أخرى للتعليم حيث يخجل البعض من التعليم وهو في سن كبير، ولابد من إقناع الأميين بأهمية الالتحاق بفصول محو الأمية والإستمرار في التعلم.
هناك مشكلة يتعرض لها بعض المتحررين من الأمية والذين يأخدهم الطموح في الحصول على وظيفة ولكن عامل العمر لا يؤهله للحصول عليها ؟
العمر ليس عقبة لأن العالم كله يتحدث عن التعليم المستمر مدى الحياة، فتجد فصول محو أمية بها طلاب تتراوح اعمارهم ٦٥ الى ٨٠ سنة، وهذا يكون لديه وازع ديني للتعبد بالقراءة والكتابة.
هل بالفعل هناك نماذج استطاعت الالتحاق بكليات أو دراسات عليا؟
بالطبع لن يتوقف هذا النجاح على هذه الشهادات، بل هناك من التحقوا بكليات الحقوق والآثار، وهناك نماذج واصلوا تعليمهم وحصلوا على الماجستير والدكتوراة.
هل هناك دور لشباب الجامعات في المساهمة في هذا الجهد؟
الشباب في الجامعات على قدر كبير من الحماس والولاء وهذه حقيقة نلمسها خلال القيام بدورنا في كل المحافظات، فالشباب يقوموا بالتواصل مع الدارسين ومساعدتهم على التعلم والاستمرار في التعلم، وكل شاب يبدأ بالأميين داخل أسرته لأنه يدرك جيداً أهمية القراءة والكتابة، وتقديرًا لجهود الشباب قامت الجامعة بإعطاء مكافأة ٢٥٠ جنيهًا على كل دارس ناجح في الفصل الحر ، ومنح طلاب الجامعة شهادات تقدير لجهودهم، والتحاقهم بمجموعة من الدورات التدريبية مجاناً، وهناك جائزة أفضل ١٠ طلاب أنجزوا المشروع يحصل كلاً منهم على ٢٠٠٠ جنيهاً، والطلاب المتميزين يكون لديهم فرصة الانضمام كمدربين بمركز تعليم الكبار.
كيف نحقق المعادلة الصعبة في عدم تسريب الأطفال من التعليم حتى لا تعود الكرة من جديد؟
التعليم هو جواز سفرنا للمستقبل لأن الغد ملك لأولئك الذين يعدون له اليوم، ولكي نقضي على مشكلة الأمية يجب أن تكون المدرسة جاذبة للتلميذ عن طريق الاهتمام بالأنشطة الرياضية، والفن، وإقامة المسابقات، وروح المنافسة الإيجابية بين الطلاب وهذا يحتاج إلى المعلم الرقمي الذي يكون موجه وميسر ومرشد للعملية التعليمية، والأسرة هي الشريك الأساسي مع المدرسة في المتابعة والتصحيح والتقويم، وحضور الاجتماعات المنعقدة داخل المدرسة والتواصل مع الإدارة والمدرسة والمعلم
ما هو أكثر شيء أسعدك في الفترة الأخيرة ؟
حصول جامعة عين شمس على جائزة كونفوشيوس ٢٠٢١ المرموقة لليونسكوا لمحو الأمية، تقديراً لمشروعها المبتكر لمحو الأمية القائم على التكنولوجيا في ظل جائحة كورونا.
ما رؤيتكم المستقبلية لمصر؟
في ختام اللقاء أتمنى أن نحقق شعار *وطن متعلم* ونصل إلى الصفر الافتراضي، وتنتقل مصر من محو أمية القراءة والكتابة إلى محو الأمية الرقمية ومحو الأمية الثقافية ومحو الأمية الدينية، ونتمنى وجود مؤسسة لتعليم الكبار ثم كلية ثم جامعة.