سعد عبد الرحمن الشاعر اللامع والإنسان الأكثر روعة. تبرز كتاباته جمال الحياة ومشاعرها، ومع ذلك فهي متأصلة في الواقع. إنه رجل له اهتمامات كثيرة، لكنه أيضًا كان رجلا رحيما، يقدر كل شخص دون تفرقة، فتواضعه جعل القلوب تلتف حول شخصه مثلما التفت المشاعر حول كتاباته فما جعل تفرقة بين شخص وآخر لأي أسباب أو علاقات شخصية .
كلماته هي انعكاس لخبراته وقيمه ومعتقداته. يتحدث عن الحب، عن الفقد، عن الأمل، عن العلاقات الإنسانية، عن الظلم… فكثيرا ما رأيناه يتحدث عن جمال العالم من حولنا، وأيضا عن صراعات الحياة، ويترجم تلك الآراء في مواقف تثبت ذلك الاقتناع كما يبوح بها في أشعاره.
إن إنسانيته هي التي تجعله يبرز كأديب وشاعر وناقد له بصماته الأدبية التي لا ينكرها أحد. إنه رجل ذو ضمير ونزاهة وشجاعة وتفهم. يضع نفسه في مكان الآخرين، ويتحدث باسم من لا يستطيع. إنه يدافع عن حقوق المظلومين، ويستخدم صوته لإلقاء الضوء على مآسيهم. إنه ليس شاعرا فحسب ، لكنه أكثر من ذلك بكثير. إنه رجل شغوف بكل ما يبث السعادة والأمل في القلوب وكيف لا؟؟ فابتسامته التي جعلها تستقبل كل زواره قبل أي حديث جعلته يمتلك جواز المرور إلى الجميع، فلا يمكن إغفال دوره في إنشاء أندية أدب البادية التي تعد لسان حال وثقافة أدباء لهم طبيعة وموروث خاص يميزهم، ولم يقتصر على توزيع الأدباء على الأندية جغرافيا.
سعد عبد الرحمن رجل متعدد الأنشطة ومتنوع الأفكار. لقد كان شاعرًا وناقدا ومفكرا وباحثا، وأيضا فقد كان في كل أحواله إنسانًا وصديقًا لأي شخص يقابله. كانت كلماته ملهمة وقلبه محب ولطيف. بغض النظر عما كان يفعله مما يستوجبه عمله الإداري فترة كونه رئيسا للهيئة العامة لقصور الثقافة أو ما سبقها من مناصب، كان سعد عبد الرحمن يسعى دائمًا لمساعدة الآخرين دون انتظار لمدح أو شكر من أحد. لقد كان منارة أمل للمحتاجين ومصدر قوة لمن يعانون وخاصة من الشباب الذين يعانون التهميش في أماكن نائية عن العاصمة. لم يكن خائفًا أبدًا من إعطاء صوت لمن يفتقرون إليه وتقديم يد العون للمحتاجين.
كان سعد عبد الرحمن روحًا عطوفة. لقد شعر بعمق إحساس الإنسان ورهافة حس الشاعر تجاه الآخرين، وكان دائمًا هناك ليقدم أذنًا أو كتفًا ليبكي. كان شعره انعكاساً لتعاطفه وحنانه، كما كتب عن آلام ومعاناة الآخرين. كان إنساناً وشاعراً وصديقاً لمن حوله. بل كان مصدر إلهام وتذكير للعديد ممن حوله بذلك من مواقفه الكثيرة لا بالكلمات وفقط.
سعد عبد الرحمن شاعر وإنسان يتمتع بقدرة غير عادية على إخراج الجمال في العالم من خلال كلماته. كرس حياته للكتابة والتعبير عن أفكاره ومشاعره وعواطفه من خلال فنه.
لقد تمكن من التقاط جمال وهشاشة الحياة في شعره، مما أعطى القراء لمحة عن الحياة من خلال عينيه. لديه فهم عميق للتجربة الإنسانية وتمكن من استكشاف أعماق قلب الإنسان في عمله. فهو تلك الروح الحساسة وهو من كرس نفسه لفهم وتعقيدات الحالة الإنسانية. تتحدث كتاباته عن النضالات التي نواجهها كبشر والفرح الذي نختبره عندما نتخلى عن مخاوفنا وموانعنا. كلماته هي تذكير بأننا جميعًا متصلون وأن الحياة رحلة تستحق التجربة.
لديه قدرة فريدة على التقاط جوهر العالم من حوله، ونسج خيوط الأمل رغم الصعوبات لتستمر رحلة الحياة مغلفة بابتسامته الرقيقة التي جمعت كل القلوب على محبته واحترامه.
كثيرا ما التقيته في محل عمله وكم استضافني بترحاب وتواضع كبير حال كنت أشرف على أنشطة ثقافية بالقاهرة، ثم التقيته كثيرا بالمحافل الأدبية ولم أجد فارقا بينه هنا وهناك، بل هو هو لم يتغير أو تتعدد رؤاه في أي لقاء، وشعرت بكل ما كتبت عنه لكنني لم أكن أعلم أن كتابتي تلك ستكون نعيا ورثاء لذلك الرجل الرجل والشاعر الإنسان.