تكريم الشاعر محمد غازي من وزيرة الثقافة د. نيفين الكيلاني ود. هشام عزمي رئيس المجلس الأعلى للثقافة، بعد فوز مخطوط ديوانه “وتخفي في نفسك ما الشعر مبديه” في مسابقة المجلس، دورة الناقد الراحل شاكر وهذه واحدة من قصائد الديوان الفائز:
• ريبورتاج عن الحزن •
لماذا كل الطرق تؤدي إلىٰ الحزن؟!
“إنه عاصمة لامبراطورية المشاعر
وكل مدينة تُفتح
يُرصف طريق بينهما”
قال المؤرخ.
وقال الشاعر:
كنت ماشيًا في طريق السعادة
وفي غمرة الأفراح
سقطتُ
في بالوعة
من يومها وأنا مصاب بارتجاج في القلب
لم أُشفَ منه حتىٰ الآن.
أضافت خبيرة الطقس:
يشرق شتاءً
تلسع حرارته
تذوّب الثلج
في قلبك
ويمطر صيفًا
حتىٰ تمتلئ البحيرة
حول قدميك.
قال الطبّاخ وهو أمام النار:
لا شك
إنه ملح طعامنا.
بعد انتهاء الحفل قال البهلوان وهو ينهج:
إنه الحبل
الذي أتجنب المشي عليه طوال العرض
لكن قُبيل النوم
يلتف حولي
كالأفعىٰ.
وقال المهرّج وهو يزيل المكياج:
كل هذا الضحك ليس إلا
صدىٰ أنيني.
قال الرسام وهو يناغي لوحة بفرشاته دون أن يلتفت:
إنه بياض كل لوحاتي
ولذا أمحوه بألواني.
قالت العازفة وهي تحضن الترومبيت:
هو كل الصراخ المتطاير
من فوهة آلتي.
في السجن قال نزيل:
ارتكبت جريمتي لأتخلص منه
لكنّه
جاء ورائي إلىٰ الزنزانة
وظَل يطعنني يوميًا.
وقالت نزيلة:
رأيت مستقبلي علىٰ
نصله اللامع.
وهو يرج زجاجة بعصبية قال صانع العطور:
ابتكرت كل هذه الأنواع
للقضاء علىٰ
رائحته.
في نهاية الموسم قال هداف الدوري:
كل أهدافي سجلتها وأنا أتخيله في المرمىٰ.
وقال فلاح فقير أصيب بالعمىٰ:
كل ضربة بفأسي
كنت أكسّر بها رأسه.
وقال صياد معمّر وهو يشير إلىٰ مركبه الهرِم:
طول مئة سنة كنت أحاول اصطياده
وما نجحت.
توجهنا إلىٰ بعض المسئولين:
قال نقيب الصيادلة السابق:
أدوية الاكتئاب خدعة تجارية.
وهو يعدل نظّارته التي ذاب زجاجها قال رئيس هيئة الكتاب:
كل الكتب التي نصدِرها ليست إلا
تأريخًا لسيرته الأزلية.
وهو طافٍ فوق برْكة قال رئيس هيئة الصرف الصحي:
ننشئ كل هذه الشبكات لتصريف
الدموع.
وهو يصوّب عينيه ناحية الأرض قال رئيس الأركان:
خضنا كل هذه الحروب
وقتلْنا كل هؤلاء
من أجْل الانتصار عليه
وانهزمنا.
قال الرئيس:
كان كل هذا لأسحقه
بسلطتي المطلقة
وفشلت.
وقال رئيس الحيوانات والطيور:
لقد كانت لنا عقول لامعة
ونتكلم مثلكم
ولمّا تفشّىٰ الحزن في العالَم
صرنا إلىٰ ما صرنا إليه.
قالت شجرة:
لقد أصابنا الشلل
لنفس السبب.
“لنفس السبب تشكّلْت
ولا أتوقف عن البكاء
حتىٰ أموت”
قالت سحابة.
وطفتْ سمكة عجوز
وقالت:
منذ زمن بعيد ونحن نقاوم الغرق.
وقال عمود النور الواقف:
أنا لا أضيء
إنما أبكي
لقد كنت إنسانًا وحيدًا
ومن شدة انطوائي مُسختُ علىٰ هيئتي هذه.
رئيس الأنبياء يؤكد:
لقد بُعثنا للقضاء عليه
ولم نفلح.
ويؤكد رئيس الملائكة:
لمّا يئسنا هجرنا الأرض.
ودون أن نراه
رئيس الجن يوضّح:
نحن لا نتخفىٰ عنكم
بل هربًا منه.
وجاء من بعيد رئيس الأيام ليقول:
لقد كان يمكن أن تكون أعمارنا أطول
لولاه.
وجاءنا تصريح مديرة منظمة الصحة العالمية:
بسببه أوشكنا علىٰ الانقراض.
“صرخت عند خروجي إلىٰ النور
لمّا ضربني علىٰ مؤخرتي”
قال المولود.
وقال المحتضر:
عيناي شاخصتان
لأنه رشق فيهما مسمارين
غير مرئيين.
وبعد موته قال:
أدركت مدىٰ عجزي عن النجاة منه طول حياتي
فاستسلمت له أخيرًا.
وأخيرًا
قررنا أن نسأل الله
فقال:
أنا حزين
مثلكم.