بناء الوعي هو جهاد العصر .. هو المعركة الحقيقية التي يجب علينا أن نبذل من أجل الانتصار فيها كل غال ونفيس، فلا حاضر ولا مستفبل بغير وعي يقوم على دراسة الماضي والاستفاده منه، وعلى علم وثوابت وطنية واحترام التاريخ والرموز والانتماء لماضينا، والإنسان الكاره لماضيه والمنفصل عن تاريخه سيكون صيدا سهلا لكل من يحاول استغلاله وسيكون بوقا من الأبواق الحنجورية التي تحفظ وتردد دون فهم وعمق، وهو بذلك أشبه بورد النيل يطفو على سطح الماء دون جذور تربطه بأرضه فيصير هشا تذروة الرياح وتطيح به الأمواج أينما شاءت فى النهاية، مُلقى على إحدى الضفتين لا قيمه له.
والوعي فى اللغة هو الفهم وسلامة الإدارك، وفي علم النفس هو شعور الكائن الحي بما فى نفسه وما يحيط به … هو حسن الإدارك لما عليه الشيء في الواقع وجاء به فى القران الكريم “ولنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية”. والوعي هو شيء أعمق من الثقافة أو هو فلسفة الثقافة. والثقافة هي التعليم النظري والوعي هو التطبيق العملي لها. والواعي هو ذلك الشخص الذي يفكر ويفسر الأحداث وينظر لها من منظور عام وخاص ومن قريب ومن بعيد بنظرة لا تخلو من التعمق.
وبناء الوعي له دور كبير فى عمليه البناء والتنمية وضد العبث بالمجتمع من خلال نشر الشائعات الفوضويه فذلك انحراف سلوكي عن الدين والهدى النبوي لأن الوعي المجتمعي هو الوعي بالمشكلات المختلفة التي تواجهها المجتمعات والتجمعات بصفه يومية وهو نتيجة للتفاعل بين أنفسنا وعالمنا المادي المحيط بنا وهو يلعب دورا هاما فى التطور الاجتماعى ويلعب دورا هاما سواء كان هذا الدور إيجابيا أو سلبيا فالأفكار التي توجد لدى الناس قد تساعد على تطور المجتمع أو قد تكون عائقا أمام هذا التطور حيث يعد الوعي الاجتماعي ركيزه من ركائز تقدم أى مجتمع وتطويره، بل وله دوره الكبير والرئيسي في تطوير المجتمع والنهوض به وذلك بالرفع من شأن أفراده والتعايش والتفاعل الثري بينهم وتطوير العلاقات أقوى وأفضل بين كافة الأشخاص المنتمين للمجتمع مما يمكننا من إدارة الصراع المجتمعي والمساعدة فى ازدياد مشاعر التعاطف والاحترام والإيجابية نحو مجتمع أفضل وحياة أكثر سعادة، ونتعلم احترام المجتمع الذي ننتمي إليه ونحاول تحسين سلوكنا تجاه الآخرين وأنفسنا ومع التقدم فى النمو تساعدنا مهارات الوعي الاجتماعي والوعي المجتمعي على فهم كيف يتوافق المرء مع المجتمع ويساهم فيه وستساعد مهارات الوعي الاجتماعي أيضا على فهم الاحترام في مكان العمل بالإضافة إلى تسهيل مشاركه المعلومات والتواصل والتعاون مع الآخرين .
والوعي من المهارات الحيوية التي يجب تعزيزها عند الأطفال ليس فقط للأسباب المترتبة على مدى تكيفهم مع الحياة ولكن أيضا لمساعدتهم على تحقيق أقصى استفادة في تعليمهم.
قد يعتبر البعض الأمر هينا أو ينظر إليه آخرون على أنه نوع من الرفاهية لكن الحقيقة أن المعركة الأكبر والأشرس حاليا ومستقبلا هي معركة الوعي في البيت والمدرسة والشارع والمسجد والكنيسه… الوعي هو بناء مجتمع وبنظرة فاحصة لمواقع التواصل الاجتماعي ستجد أين وعي الناس وفيما يفكرون وماذا يكتبون وفي أي شيء يتنافسون وإلى أي مدى يذهبون .. فالوعي هو الذي يحدد قراراتنا في الحياة وتوجهاتنا تجاه كل ما يحيط بنا.. بداية من علاقتنا بأسرنا وانتهاء بإدراكنا للعالم المحيط وإذا ما اختل ذلك الوعي اختلت قراراتنا ومواقفنا ومشاعرنا وبالتالي ارتبكت حياتنا فالمتسللون للعقول كُثر وبأسباب كثيرة من تشكيك وإغراء وسذاجة حوار وكسب مشاعر حتى تحين اللحظة تجدك وقعت تحت تأثير كلامه وما يقوله سيكون دستور لك صح أو خطأ. فنبدأ في تشويه الواقع وتسويد رؤية الناس لواقعهم ومستقبلهم وإشاعة روح اليأس والإحباط في نفوس البسطاء عن طريق تشويه الرموز الناجحين وبث سموم الفتنة بين الناس ويوما بعد يوم نجد المجتمع يقع في مشاكل تافهة لا طائل منها ويتناسون أهم شيء لدوران عجلة الحياة…. العمل والإنتاج.
د/ محمد عبدالله جبارة
المنصورة- مصر