بقلم/ أفغان غفارلي – صحفي أذربيجاني
اتخذ قرار اعتبار مدينة شوشا عاصمة ثقافية للعالم الإسلامي هذا العام، في المؤتمر الثاني عشر لوزراء الثقافة في العالم الإسلامي الذي عقد في 25 سبتمبر 2023 في العاصمة القطرية الدوحة، ويُعتبر هذا القرار تعبيرا عن الاحترام الخاص لشوشا، الذي يُبرز بشكل كامل ثروات الثقافة الإسلامية.
وسبق لحكومة أذربيجان أن أعلنت أن عام 2022 هو “عام شوشا” في البلاد، وبدورها أعلنت المنظمة الدولية للثقافة التركية (TURKSOY) مدينة شوشان عاصمة ثقافية للعالم التركي لعام 2023.
وفي هذا الصدد من المقرر إقامة عدد من الفعاليات الثقافية العالمية في شوشا خلال عام 202، نذكر على سبيل المثال، المنتدى الثقافي للعالم الإسلامي، ومعرض الفنانين والمصورين من الدول الإسلامية، وزيارة ممثلي وسائل الإعلام الرائدة في العالم الإسلامي إلى شوشا، وإقامة الأحداث الرياضية الجماهيرية، والمؤتمرات الدولية، وما إلى ذلك.
شوشا هي مدينة حصن قديمة في منطقة كاراباخ في أذربيجان، كانت هذه المدينة عاصمة خانية كاراباخ الأذربيجانية لسنوات عديدة، وبحسب المصادر التاريخية، فقد تم بناء قلعة شوشا على جبال عالية شديدة الانحدار في عام 1750 بأمر من كاراباخ خان باناهالي خان، واستغرق بناء المدينة المحصنة 7 سنوات، وهي محاطة بالمنحدرات شديدة الانحدار من جميع الجهات، وسميت هذه المدينة التاريخية “باناهاباد” تكريما لبانهالي خان، ولاحقا “قلعة شوشا” و”شوشا”.
وتقع مدينة شوشا ذات الطبيعة الخلابة على ارتفاع 1500 متر فوق سطح البحر، وتعتبر مدينة طبية هامة بفضل هوائها النقي وينابيعها المعدنية النقية. ومن هذا المنطلق، أصبحت شوشا مشهورة ليس فقط في أذربيجان، ولكن أيضًا خارج حدودها كمنطقة ترفيهية، وفي جبال شوشا تنمو وردة “خاري البلبل” النادرة، التي تتميز بجمالها الخاص.
وليس من قبيل الصدفة أن يطلق على شوشا اسم “مهد الثقافة”، فقد كانت هذه المدينة دائمًا موطنًا للشعراء والموسيقيين والمغنين والخطاطين والرسامين والمهندسين المعماريين والمدرسين والأطباء.
كانت شوشا تسمى ذات يوم “باريس الصغيرة” و”معبد الفن في القوقاز” و”المعهد الموسيقي الشرقي”، وتعد هذه المدينة موطناً لعدد من الشخصيات الثقافية والعلمية البارزة المعروفة على مستوى العالم.
شوشا هي أيضا مدينة المساجد
وللأسف ظلت مدينة شوشا تحت احتلال جمهورية أرمينيا لمدة 28 عاما، فقد استولى الجيش الأرمني على شوشا في 8 مايو1992، المركز الثقافي القديم لأذربيجان. ونتيجة لذلك، تعرضت منطقة شوشا، التي تبلغ مساحتها 289 كيلومتراً مربعاً وتتكون من بلدة واحدة و30 قرية، لغزو من قبل القوات المسلحة الأرمنية. وتم تهجير 24.000 أذربيجاني من وطنهم الأصلي، وخلال احتلال شوشا، استشهد 195 أذربيجانيًا، وجُرح 165، وفقد 58.
نتيجة لعدوان أرمينيا، تعرضت 25 مدرسة، و 31 مكتبة، و 17 نادي، و 8 دور ثقافية، و 4 كليات، و فرعين لمعاهد، و7 روضات أطفال، و 4 دور سينما، و 5 منتزهات ثقافية وترفيهية، ومصحتين وقاعدة سياحية، وفندقين، للنهب والحرق والتدمير ، كما تم تدمير فرع متحف شوشا الحكومي، ومسرح الدراما الحكومي في شوشا، وتلفزيون شوشا، ومصنع الآلات الموسيقية الشرقية، ومعرض الرسم الحكومي، ومدرسة صحة الأطفال، للنهب، وحاول الغزاة الأرمن، الذين أبقوا شوشا في الأسر لمدة 28 عاماً، تغيير هويتها.
كانت شوشا رمزا للحماسة للأذربيجانيين، وليس من قبيل الصدفة أن يقول الزعيم الوطني لأذربيجان، حيدر علييف، عن المدينة ذات الأهمية الاستثنائية: “لا يوجد قره باغ دون شوشا، ولا توجد أذربيجان دون قره باغ”.
وأخيرًا، في 8 نوفمبر 2020، حرر الجيش الأذربيجاني – القوات الخاصة شوشا من الاحتلال بالقتال، وكانت معركة شوشا عملية فريدة من نوعها في التاريخ العسكري للعالم، لقد أصبح هذا النصر العلامة التجارية القتالية لأذربيجان.
حاليا، يتم تنفيذ أعمال البناء والتحسين في شوشا، ويتم إعادة بناء المدينة، وبدأ السكان الأذربيجانيون بالفعل بالعودة إلى مسقط رأسهم، وفي السنوات المقبلة، سوف تصبح شوشا مكانا يذكرنا بالجنة.
شوشا هي أيضًا محمية تاريخية ومعمارية لجمهورية أذربيجان.
كانت مدينة شوشا دائمًا أحد المراكز المهمة للحياة التاريخية والثقافية والاجتماعية والسياسية لأذربيجان، فضلاً عن كونها أحد رموز الحضارة الإسلامية، ولا شك أن شوشا ستكون الوجهة الأكثر شعبية للسياح من الدول الإسلامية في السنوات المقبلة.