بقلم/ أفغان غفارلي – صحفي أذربيجاني
توجد المئات من المعالم الأثرية في منطقة كاراباخ بجمهورية أذربيجان، والتي تتمتع بتاريخ غني، وأشهرها كهف أزيخ المشهور عالميًا. وبحسب تقديرات العلماء فإن هذا الكهف تشكل نتيجة غسل الصخور بالماء قبل وجود الإنسان. ويعتبره العلماء نصبًا تذكاريًا من العصر الحجري القديم.
يقع كهف أزيخ في الزاوية الأكثر روعة وخلابة من مدينة كاراباخ، في قرية أزيخ في منطقة خوجافيند، على الضفة اليسرى لغوروتشاي، على ارتفاع 900 متر فوق مستوى سطح البحر، وتم اكتشاف الكهف عام 1960 من قبل عالم الآثار الأذربيجاني محمد علي حسينوف.
تبلغ مساحة مغارة أزيخ 800 كيلومتر مربع، يحتوي الكهف على 6 قاعات متصلة ببعضها البعض عن طريق ممرات ضيقة، ويعتبر هذا الكهف من أقدم المستوطنات البشرية في العالم. وهكذا، في عام 1968، ونتيجة للبحث الذي أجرته البعثة التي قادها عالم الآثار الأذربيجاني محمد علي حسينوف، في كهف أزيخ، تم اكتشاف عظم الفك السفلي لرجل عجوز ينتمي إلى نوع النياندرتال، وأسفرت الأبحاث التي أجريت على العظم على معرفة أنه يعود لامرأة تبلغ من العمر 18 عامًا ويبلغ عمرها 350-400 ألف سنة على الأقل. وقد أطلق العلماء على الإنسان القديم الذي ينتمي إليه عظم الفك اسم “أزيخانثروب” (“الرجل الأزيخ”).
إن اكتشاف العظم الذي يعود إلى “الإنسان الأزيكي” يثبت أن أذربيجان هي إحدى المناطق القديمة التي تشكل فيها الإنسان البدائي، وبسبب هذا الاكتشاف النادر تم إدراج أراضي أذربيجان في خريطة “أقدم سكان أوروبا”، ويُعد هذا الاكتشاف الرابع الأقدم في العالم والثاني في أوروبا. وجدير بالذكر أنه تم العثور على اكتشافات أثرية من هذا النوع من فترة سابقة في تنزانيا وكينيا وفرنسا. كما تم اكتشاف أدوات مختلفة وآثار مداخن تعود للقدماء في مغارة أزيخ، تنتمي هذه الأدوات الحجرية إلى العصر الحجري القديم والعصر الحجري الوسيط. ويُذكر أن هناك 10 طبقات ثقافية في الكهف يبلغ سمكها 10-14م. يُظهر اكتشاف عظام الحيوانات والأسماك المتحجرة في أزيخ أن سكان الكهف القدماء كانوا يمارسون الصيد وصيد الأسماك أيضًا.
يعد كهف أزيخ أيضًا أقدم نصب تذكاري في العالم به آثار من المعتقدات الدينية البدائية. إذ تم العثور هنا على علامات نادرة تصور طقوسًا دينية مبكرة، أظهرت الأبحاث التي أجراها علماء الآثار أن الحياة في كهف أزيخ ووادي جوروتشاي المحيط به بدأت منذ مليوني عام، وبعبارة أخرى، كانت هناك مستوطنة بشرية على أراضي أذربيجان قبل مليوني سنة، تم تسجيل كهف أزيخ كمعلم أثري في جمهورية أذربيجان، وتوجد الأمثلة المادية الثقافية الموجودة هنا في حالة سيئة ، فلسوء الحظ، في عام 1993، تعرضت أرض أذربيجان، ومنها كهف أزيخ، للغزو من قبل جمهورية أرمينيا، وبعد احتلال المنطقة، دعا الأرمن العلماء من الدول الأجنبية لإجراء أبحاث أثرية غير قانونية في كهف أزيخ. وفي وقت لاحق، أجريت الحفريات الأثرية هنا دون الحصول على إذن من أذربيجان. وكان الهدف إظهار أن الكهف مرتبط بالتاريخ القديم للأرمن، في سعيلمحو آثار أذربيجان، ونتيجة لذلك، تعرض الكهف لأضرار بالغة.
وأخيرا، وبعد 27 عاما – في خريف عام 2020، حرر الجيش الأذربيجاني الأراضي المحتلة بقيادة القائد العام إلهام علييف، ونتيجة لحرب الـ 44 يومًا، تم أيضًا تحرير مغارة أزيخ من احتلال وتخريب الأرمن، وهكذا انتهت الأبحاث غير القانونية التي أجريت في كهف أزيخ لسنوات عديدة.
أصبح كهف أزيخ، مهد الحضارة القديمة، الآن تحت تصرف العلماء الأذربيجانيين، يقول الأستاذ بجامعة باكو الحكومية، العالم المؤرخ إبراهيم زينالوف، “إن العلوم والآثار العالمية تتوفر على معلومات قليلة جدا حول كهف أزيخ، ولذلك فمن المهم جدًا إجراء أبحاث أثرية جديدة في مغارة أزيخ، لأن الأبحاث والتحقيقات الجديدة ستؤدي إلى ظهور حقائق جديدة.
وفي الدورة الخامسة والأربعين للجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو التي عقدت في الرياض بالمملكة العربية السعودية عام 2023، تم النظر أيضا في مسألة كهف أزيخ الواقع في منطقة كاراباخ بأذربيجان، وتم إدراج الكهف في القائمة المؤقتة لليونسكو كمستوطنة حضارية قديمة.
ملاحظة : تم اعداد المقال من قبل الاتحاد الاجتماعي الذي يحمل اسم “مساعدة أصحاب الملكية الفكرية” وذلك بمساعدة وكالة الدولة لدعم المنظمات غير الحكومية لجمهورية اذربيجان.