أخبار عاجلة

محمد التهامي يبهر جمهور الفن التشكيلي بمعرض “الجرس” في جاليري ضي الزمالك

افتتح الناقد التشكيلي هشام قنديل رئيس مجلس إدارة أتيليه العرب للثقافة والفنون، بحضور الفنانين محمد عبلة وسمير فؤاد وجمال القصاص وعبدالوهاب عبد المحسن، مساء الأحد، المعرض الشخصي الأول للفنان الشاب الدكتور محمد التهامي، تحت عنوان “الجرس”.

تستمر فعاليات معرض الفنان محمد التهامي لمدة 3 أسابيع في ٢٤ شارع حسن عاصم من شارع البرازيل بالزمالك.

نال المعرض إعجاب رموز الفن التشكيلي والجمهور، وأبرز أعماله يصف الصمت العربي تجاه قضية فلسطين وما تشهده غزة من إبادة جماعية لأهلها، وقد زار المستشار الثقافي لسفارة فلسطين بالقاهرة وعدد من الشعراء والفنانين الفلسطينيين المعرض، وأبدوا إعجابهم الشديد بأعمال الفنان محمد التهامي.


الفنان محمد التهامي هو أحد الفنانين الشباب الذين تألقوا في العشر سنوات الأخيرة في المشهد التشكيلي المصري والعربي، ويراهن عليه رموز الفن ويلقبه الوسط التشكيلي ب”صائد الجوائز”، وقد حصل علي الدكتوراه مؤخرا من كلية الفنون الجميلة، وشارك في العديد من المعارض الجماعية المحلية والدولية، أبرزها مع نخبة من الفنانين العرب في سمبوزيوم عمان الدولي، وحقق من خلال هذه المشاركة جوائز مهمة منها جائزة مسابقة الفنان فاروق حسني، والجائزة الكبرى في مهرجان ضي للشباب العربي في أكثر من دورة، وجائزة جمعية محبي الفنون الجميلة، والجائزة الكبري في مسابقة أطياف، وجوائز مهمة أخرى.


ويقول الدكتور محمد التهامي عن تجربته “الجرس”: هذا الصوت المعدني الصافي الذي يتردد صداه في فضاءات حياتنا، ليس مجرد وسيلة لإحداث صوت ينبه الآذان، بل هو رمز فلسفي عميق يُعبر عن جوهر العلاقة بين النداء والاستجابة، بين القوّة والطاعة، وبين الإرادة الحرة والخضوع. إنه ذلك الصوت الذي يحمل في طياته دعوة عاجلة، لا يمكن تجاهلها، يربط بين مُصدره ومن يتلقاه في علاقة جدلية تحمل أبعادًا وجودية ومعنوية أعمق مما يبدو على السطح.
“الجرس” ليس مجرد أداة صوتية؛ بل هو فعل رمزي يفرض حضوره على المستمعين، ففي اللحظة التي يدق فيها الجرس، يفرض نفسه كنداء مطلق، كقانون غير قابل للنقاش، يتحول إلى مركز جذب نفسي وعقلي يجبر الفرد على الاستجابة. إنه تعبير عن حالة من السيطرة تُمارس عبر الإيقاع الصوتي، حيث يتجاوز الجرس مادته الفيزيائية ليصبح تجسيدًا لصوت النداء، والصوت الذي يولده الجرس يحمل في داخله طابعًا مزدوجًا، فهو من جهة إعلان للحضور، ومن جهة أخرى أمر للاستجابة. هذا الطابع المزدوج يضع الفرد في حالة وجودية خاصة، بين الحضور الواعي والخضوع اللاواعي. الجرس يوقظ الحواس، يوقظ الوعي، ولكنه في الوقت نفسه يُثقل المستمع بمسؤولية الاستجابة. إنه يخلق حالة من الانقسام الداخلي بين الرغبة في التجاوب والخوف من تجاهله، بين الحرية التي تسعى لتجاهله والالتزام الذي يُجبر على الخضوع له.


و”الجرس” يمكن أن يُنظر إليه كتمثيل لقوة فوقية تتجاوز الفرد، قوة تُعيد تشكيل علاقته مع الزمن ومع ذاته. حينما يدق الجرس، فإنه يفرض إيقاعًا جديدًا على حياة الفرد، يُجبره على إعادة ترتيب أولوياته، والامتثال لزمن ليس من صنعه. إنه يدعو الفرد إلى التفاعل ليصبح جزءًا من كلّ.
و”الجرس” يحمل في طياته أيضًا فكرة الخضوع القسري، حيث يتحول المستمع إلى أداة لتنفيذ أمر يُملى عليه دون خيار أو تفاوض. إنه يُعبر عن العلاقة بين المُسيطر والمسيطر عليه، بين القوي والضعيف. فالجرس، بهذا المعنى، يعكس ديناميكية القهر والإرادة المسلوبة، حيث يصبح الفرد مجرد مستجيب لصوت ما، فاقدًا القدرة على التفكير الحر.


ويردف التهامي: لكن، على الرغم من هذه الديناميكية القهرية، يمكن للجرس أن يكون رمزًا للتحرر أيضًا، فصوت الجرس يُعيدنا إلى اللحظة الراهنة، يُخرجنا من حالة السبات العقلي، ويضعنا أمام واقع لا يمكن تجاهله. الجرس يفرض حضور اللحظة، يجعلنا نواجه أنفسنا، ويدفعنا إلى التفكير في استجابتنا لهذا الصوت: هل هي استجابة طوعية أم قسرية؟ هل نحن مستسلمون أم واعون بطبيعة علاقتنا مع هذا الصوت؟. الجرس، إذًا، ليس مجرد أداة تنبيه، بل هو استعارة فلسفية تعبر عن التوتر الأزلي بين القوة والإرادة، بين الصوت والاستجابة، بين الدعوة والخضوع. إنه يمثل نداءً مستمرًا لفهم العلاقة بين الفرد والمجتمع، بين الداخل والخارج، . الجرس يدق، ليس ليُخبرنا بما يجب أن نفعله فقط، بل ليُذكرنا أيضًا بأننا كائنات تواجه هذا النداء في حالة دائمة من التأرجح بين الانصياع والتحرر.