ضمن احتفالات وزارة الثقافة المصرية بالذكرى الـ155 على إنشاء دار الكتب المصرية، واستمرارًا لدورها العريق كأقدم مؤسسة ثقافية وأرشيفية في الوطن العربي، نظمت دار الكتب والوثائق القومية، برئاسة الدكتور أسامة طلعت، احتفالية كبرى بمقر دار الكتب بباب الخلق، مساء الخميس 10 إبريل 2025.
وفي كلمته خلال الاحتفالية، أكد الدكتور أسامة طلعت، رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية، أن الدار شهدت تطويرًا شاملًا على كافة الأصعدة، بتوجيهات من معالي وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، بهدف دعم دور الدار كمؤسسة وطنية رائدة في حفظ التراث وصون الذاكرة المصرية، وتقديم خدمات معرفية وثقافية متكاملة.
وأضاف الدكتور أسامة طلعت أن الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، أولى اهتمامًا بالغًا بمشروع التحول الرقمي داخل دار الكتب والوثائق القومية، إدراكًا لأهمية هذا الملف في الحفاظ على التراث الوطني وإتاحته للأجيال الحالية والمقبلة بوسائل تكنولوجية حديثة. فقد وجّه سيادته منذ توليه الوزارة بتسريع وتيرة الرقمنة، وتوفير البنية التحتية الرقمية اللازمة، مما أسفر عن نقلة نوعية في هذا المجال .
وأوضح أن وزير الثقافة شدد على ضرورة تطوير المنظومة الرقمية الشاملة للدار، وتحديث الأجهزة والمعدات التقنية المستخدمة في أعمال التصوير والأرشفة الرقمية، بما في ذلك إدخال ماسحات ضوئية ووحدات تصوير حديثة فائقة الجودة، وإصلاح المعدات القديمة المعطلة، وتدريب الكوادر الفنية على استخدامها وفق المعايير الدولية. كما دعم إدخال نظام إلكتروني موحد يربط كافة المكتبات الفرعية بدار الكتب، ويوفّر فهرسًا موحدًا متكاملًا يُسهّل الوصول إلى المقتنيات ويزيد من كفاءة الخدمة المقدمة للباحثين والقراء.
وأشار الدكتور أسامة طلعت إلى أن هذا التوجه الوزاري انعكس بشكل مباشر على حجم ما تم إنجازه، حيث ارتفع عدد المواد التي تم رقمنتها إلى أكثر من 3 ملايين و900 ألف مقتنى، تشمل كتبًا نادرة، ومخطوطات، ودوريات، وخرائط، وميكروفيلم، وميكروفيش، وألبومات صور تاريخية، بالإضافة إلى تحويل أرشيف الأسطوانات الصوتية النادرة إلى الصيغة الرقمية، الأمر الذي يسهم في صون هذا التراث السمعي الفريد من التآكل والاندثار.
وأضاف أن الوزير تبنّى كذلك مبادرة لتطوير القاعة الرقمية بدار الكتب وتحويلها إلى نقطة مركزية للإتاحة الرقمية، حيث تم تزويدها بمصادر معلوماتية تجاوزت 50 ألف عنوان رقمي متاح للجمهور، إلى جانب رفع كفاءة الاتصال بالإنترنت باستخدام كابلات الألياف الضوئية “الفايبر”، لضمان سرعة وسلاسة الوصول إلى المحتوى الرقمي.
كما شدد الدكتور أحمد فؤاد هنو على ضرورة تحديث قاعدة البيانات المركزية للدار بما يواكب التطورات الحديثة في نظم إدارة المحتوى والمعلومات، ووجّه بحل المشكلات التاريخية المتراكمة المتعلقة بأرقام الإيداع، لضمان دقة عملية التوثيق، وتكامل بيانات النشر، وتسهيل وصول الباحثين والجهات المعنية إلى المعلومات بطريقة منظمة وموثوقة.
وقال الدكتور طلعت: “تمكّنا من إعداد واعتماد سياسة مكتوبة لتداول مصادر المعلومات داخل دار الكتب، والتي تمثل دورة مستندية كاملة، تضمن تحديد المسؤوليات بشكل واضح، وتؤمن حركة المقتنيات منذ دخولها إلى الدار، مرورًا بالمعالجات الفنية وتقديم الخدمات، وصولًا إلى حفظها الآمن واسترجاعها بسهولة”.
وأضاف: “قمنا بتكثيف أعمال ترحيل المقتنيات وإعادة ترفيفها، وتنظيم المخازن بالكامل، مما أتاح لنا استيعاب مقتنيات لم يكن لها مكان مسبقًا، كما فتحنا غرفًا مغلقة منذ سنوات، وسجلنا محتوياتها من مخطوطات وسلبيات زجاجية وألبومات صور وخرائط وكتب نادرة، مع ضمان وجود كل مقتنى في مكانه الصحيح”.
وتابع: “عملنا على تلبية جميع احتياجات المستفيدين من دون أعذار، وأزلنا العقبات المتعلقة بإتاحة الكتب، كما شرعنا في رفع سرعة الإنترنت التي عانت منها الدار لسنوات، بالتنسيق مع الإدارة المركزية للشؤون المالية، حيث يتم الآن تنفيذ المشروع عبر كابلات الفايبر الحديثة”.
وأشار إلى أن جهودًا حثيثة بُذلت لربط المكتبات الفرعية كافة بشبكة واحدة، موضحًا: “أصبح لدينا اليوم 28 مكتبة فرعية مرتبطة إلكترونيًا بالمبنى الرئيسي، ما يسمح بفهرس موحد شامل يتيح الوصول إلى مقتنيات الدار بسهولة ويسر. كما أطلقنا نظامًا آليًا جديدًا بالتعاون مع وزارة الثقافة، يعمل كنظام احتياطي لضمان استمرار الخدمات الرقمية في حال توقف النظام الرئيسي”.
وفيما يخص الرقمنة، قال: “تمكّنا من توفير عدد من أجهزة الرقمنة المتقدمة، تشمل ماسحات ضوئية ووحدات تصوير عالية الجودة، بعضها في طور التوريد. كما أصلحنا أجهزة تحويل المواد الصوتية، وأكملنا تحويل أرشيف الأسطوانات العربية إلى صيغة رقمية”.
وأضاف: “أنجزنا رقمنة ما يزيد على 3 ملايين و900 ألف مقتنى تشمل كتبًا، ودوريات، ومخطوطات، وألبومات صور، وميكروفيلم، وميكروفيش، كما أتحنا أكثر من 50 ألف مصدر معلوماتي بالقاعة الرقمية، وهو رقم يفوق ما تم إنجازه منذ بداية مشروع الرقمنة عام 2016. كذلك أعدنا إصدار نشرة الإيداع إلكترونيًا بانتظام بعد توقفها منذ عام 2021”.
وأكد الدكتور أسامة طلعت أن مشروع الباركود الخاص بالمخطوطات قد اكتمل، ويجري الآن تثبيته على الحافظات الكرتونية، إلى جانب نظام تتبع إلكتروني دقيق لحركة المخطوطات داخل الدار.
وفي سياق التوسع الثقافي، أوضح: “نجحنا في افتتاح مكتبات فرعية جديدة في عدد من المواقع الحيوية، منها مكتبة بنادي الزهور بالتجمع الخامس، ومكتبة بحي المحروسة، بالإضافة إلى إعادة فتح مكتبة 15 مايو بعد توقف دام سنوات، كما حصلنا على مقر بديل لمكتبة الخليفة بعد صدور قرار بإزالة المبنى القديم، وجاري تجهيزه لخدمة سكان المنطقة”.
أما عن دار الوثائق القومية، فقال الدكتور أسامة طلعت: “ركزنا على عدة محاور رئيسية خلال الفترة الماضية، أولها دعم طلاب الجامعات، حيث تم تدريب 215 طالبًا في مجالات الترميم، والفهرسة، والرقمنة، بما يعزز بناء كوادر شابة مؤهلة في هذا المجال الدقيق”.
وأضاف: “نفذنا أعمال رقمنة موسعة شملت 92 ألف مقتنى وثائقي، بالإضافة إلى تصوير 71 فيلمًا ميكروفيلميًا، وتحويل 123 فيلمًا إلى صيغ رقمية، ضمن توجه الدولة لحفظ الوثائق إلكترونيًا”.
وأكد أن دار الوثائق قدّمت خدماتها خلال عام 2024 لعدد كبير من الباحثين والمواطنين، حيث استقبلت 3409 مواطنين من جمهور المستفيدين، بالإضافة إلى 397 باحثًا في قاعة البحث، و75 باحثًا في قاعة المطبوعات، و58 باحثًا في قاعة المكتبة.
وفيما يخص الأعمال الفنية، أشار إلى أن دار الوثائق نفذت عمليات فنية على أكثر من 160 ألف وثيقة، إلى جانب ترجمة 8425 وثيقة، وترميم ما يقارب 28 ألف وثيقة، و45 رسمًا هندسيًا، و109 خرائط كبيرة الحجم شديدة التهالك.
واختتم الدكتور أسامة طلعت حديثه بالإشارة إلى الجهود المبذولة في مجال ضبط الجودة والرقابة على المحتوى الرقمي، قائلًا: “انتهينا من أعمال المسح الضوئي ومراجعة وتحقيق الجودة لـ28,600 سجل، بإجمالي يقارب مليوني مقتنى، تشمل وحدات أرشيفية مهمة، وذلك حتى مارس 2025، في إطار خطة شاملة لحفظ التراث الوثائقي المصري وتقديمه للباحثين بأعلى معايير الإتاحة والجودة.