تحل دولة السنغال الشقيقة ضيف شرف على الدورة الحالية من معرض القاهرة الدولي للكتاب، وتشارك ببرنامج مميز حافل بفعاليات ثقافية، تحكي عن تاريخ الدولة التي تقع في غرب القارة السمراء، وآدابها، وكافة فنونها.
السفير السنغالي في القاهرة، “إلي سى بيى”، تحدث إلى “الكتاب 50 +1” عن تفاصيل مشاركة بلاده في فعاليات
المعرض، والبرنامج الذي أعدته لتقديمه للجمهور المصري، مؤكدًا مشاركة وزير الثقافة على رأس وفد مكون من 15 شخصية سنغالية في افتتاح المعرض، ومن ثم حضور الندوات والفعاليات الثقافية، والتعرف على الأدب المصري والالتقاء بالكتاب والشعراء لتوطيد العلاقات المصرية السنغالية.
في البداية.. كيف ترى اختيار السنغال ضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب؟
هذا شرف عظيم لنا كدولة السنغال أن تختارها مصر لتكون ضيف شرف لهذا الكرنفال الثقافي العريق الذي يصل عمره إلى 51
عامًا.
وفي هذا الصدد نؤكد أن السنغال مهتمة بالثقافة والفنون والأدب بكافة أشكاله، وهناك زعماء مشهورون أمثال الرئيس السنغالي الأسبق ليوبولد سيدار سنجور، الذي كان شاعرًا. وهناك جامعة بالإسكندرية تحمل اسمه، بالإضافة إلى علماء آخرين منهم الشيخ أنتا ديوب الذي ما زالت كتاباته حول مصر والفراعنة تدرس في جامعات أفريقيا كلها، وهذا دليل على اهتمامنا بالمعرض، وشرفنا بهذا الاختيار.مع ذكر أعمال شيخ أنتا ديوب..
ما رأيك فيما قدمه من كتابات عن التاريخ المصري القديم؟
نعرف أن مصر “أم الدنيا” كما تقولون، والزعيم والعالم الشيخ أنتا ديوب الذي قدم كل مجهوداته للبحث عن قيمة (أفريقيا السوداء)، دافع عن مقام مصر حول العالم وشرب تاريخها وحفظ كل ما يتعلق بها ووثقه عبر كتاباته، لأنها هي الأصل، فقد قدم ما يقرب من 14 بحثا وكتابا عن مصر، وأصبح هذا الرجل الذي نشأ في أقصى ريف السنغال ينور الدنيا ببحوثه حول قيمة مصر العظيمة، ويعرّف مصر الفرعونية، وتحدث عن علاقة العرب بالإنسان الأسود الذي اعتبره أصل هذه الأرض.
كيف كان استعدادكم للمشاركة في هذه الدورة من المعرض.. حدثنا عن التحضيرات؟
السنغال دولة منُظمة، ولدينا خبراء وعلماء في جميع الجوانب والعلوم المختلفة، وفي العام الماضي كنا ضيف شرف في الجزائر، إذًا لدينا خبرة في هذه الفعاليات الثقافية والأدبية، وهناك تشابه في الأفكار والآراء بين مصر والسنغال، لذلك شاركنا بوفد مكون من 15 شخصا على رأسهم وزير الثقافة السنغالي، دليلا على أن السنغال وضعت هذه المناسبة في مقدمة اهتماماتها وأولوياتها، كما سيساهم السنغاليون المقيمون في مصر، وطلابنا الذين يدرسون في جامعة الأزهر الشريف، كي يبرزوا الثقافة السنغالية وتوطيد العلاقات مع الجمهور المصري.
ما أبرز الفعاليات التي ستقدمونها خلال فترة المعرض؟
هناك العديد من الفعاليات التي ستقام على مدار فترة المعرض، ولعل أبرزها الحديث عن الأدب السنغالي باللغة العربية، وندوة عن الشاعر والرئيس الأسبق ليوبولد سيدار سنجور وشعر الزنوج، وأخرى عن الشيخ أنتا ديوب، المثل الأعلى لأفريقيا، والعديد من الفاعليات، بالإضافة لعرض كتب عن السنغال وكتابها وشعرائها باللغة العربية والفرنسية للجمهور المصري.
حدثنا عن طبيعة العلاقات المصرية السنغالية وجذورها التاريخية.
يعتبر الشيخ أنتا ديوب محورًا
بين مصر والسنغال، لكن لا ننسى الرئيس السنغالي الأسبق سنجور أول رئيس للسنغال بعد الاستقلال والرئيس الزعيم جمال عبد الناصر، كانا صديقين كالتوأم وخاصة عند المكافحة ضد الاستعمار من أجل الاستقلال، وحين حصلت السنغال على استقلالها عام 1960، كانت مصر ثاني دولة اعترفت باستقلالها بعد فرنسا.
ومن الناحية الدينية، نحن كسنغاليين نعتبر مصر كالمنحل الذي يفرز لنا الكنوز العلمية، لأن مصر بها الإسلام الوسطي الصوفي، والسنغال تتبع الدين المعتدل والصوفية، وجميع الشيوخ السنغاليين ينتمون إلى المنهج المصري.
يتشوق الجمهور المصري للتعرف على الثقافة السنغالية.. حدثنا عن أشهر الكتاب والشعراء؟
ربما على رأس القائمة الشيخ أنتا ديوب لأنه مشهور في القارة السمراء كلها، لكن حاليًا لدينا شعراء معاصرين جدد من بينهم من سيحضر إلى المعرض وينظم بعض المحاضرات والندوات، وستكتشفون وجوها جديدة من الشعراء والأدباء المعاصرين، منهم باللغة العربية ومنهم باللغة الفرنسية والعامية الولوفية، فالشعر والأدب يسير في عروقنا كالدم لذلك ستجدون البعض منهم وستسعدون بلقائهم والتعرف عليهم. وفيما يخص العربية فجميع أسر شيوخ الدين في السنغال شعراء وناشرون ويكتبون الكثير في الدين وجميع العلوم الاجتماعية، ستكتشفون أيضًا ذلك في الكتب السنغالية التي سيتم عرضها طوال فترة المعرض.
من وجهة نظرك، ما أوجه التشابه بين الثقافتين المصرية والسنغالية؟
الثقافة بين مصر والسنغال لا تختلف كثيرا، بل تتكامل، لأن الثقافة المصرية معروفة في السنغال. فإذا أخذت طفلًا صغيرًا في السنغال وطلبت منه أن يتحدث عن مصر، سيقول عنها معلومات كثيرة، وهو لم يغادر بلده. أيضًا السنغال لها ثقافة منفتحة. وأقول دائمًا إن هناك تشابهًا بين الشعب المصري والسنغالي، وكلاهما شعب فكاهي.
كيف سنجنى ثمار هذا التواصل الثقافي؟ وما رؤيتك لشكل التعاون في السنوات المقبلة؟
لابد أن ننطلق من الماضي قبل أن نشرع في المستقبل، لأن القدماء قد بدأوا الأساس ولابد أن نكمل عليه ونزيد، وحقًا في شمال أفريقيا يعرف السنغالي عن مصر أكثر من أي دولة أخرى، وكذلك لدينا رئيسان عظيمان وهما ماكي سال، والرئيس عبد الفتاح السيسي، وهما رئيسان لهما رؤية للمستقبل وأفكار عظيمة، وأذكر حين أتى ماكي سال لزيارة مصر مكث خمسة أيام، ونادرًا ما نرى رئيس دولة يجلس طوال هذه المدة خلال زيارته لدولة أخرى، بل احتفل بعيد ميلاده هنا مع الرئيس السيسي. كل إنسان يريد أن يحتفل بعيد مولده في بلده، لكن رئيسنا احتفل في مصر، لشعوره بأنها أيضًا بلده.
والسنغال غنية بالغاز والبترول، ونقول لمصر: مرحبًا، هيا نتقاسمهما معًا لأننا أشقاء، فنحن مطمئنون أن العلاقات جيدة، وسيكون هناك المزيد من التعاون والتكامل.
مع توليك منصب السفير الجديد للسنغال بمصر، ما أهم الملفات التي ستطرح على طاولتك خلال الفترة المقبلة لتوطيد العلاقات ومد جسور التواصل بين الدولتين الشقيقتين؟
سعيد أنني جئت هنا ووجدت الطريق واضحا وممهدًا للتعاون، وبالتالي سأركز على تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، لأن العلاقة الودية والمحبة متواجدة بالفعل، وعلينا أن نجذب المصريين للذهاب إلى السنغال للاستثمار، فهنا يوجد النيل ونحن لدينا مناخ جيد وطقس معتدل وأنهار في السنغال في الجنوب والشمال، وأراض يمكن أن نستثمرها ونستفيد من الخبرات المصرية بواسطة توطيد العلاقات، وأنتم كمصريين تتناولون الحبوب إذن ذلك يمكن أن نركز عليه حتى تكون العلاقة متينة من الناحية الاقتصادية.
كيف رأيت رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي عام ٢٠١٩؟
الرئيس السيسي قام بعمل جبار، وأول شيء أدهشني حين أتيت إلى مصر، مظاهر التقدم والتحضر وما شاهدته في البنية التحتية والبيئة الراقية، فالرئيس السيسي له فكر للمستقبل، وأتعجب من الأمن والاستقرار المتواجد حاليًا بعد موجة الربيع العربي، فكل الدول في حالة عدم استقرار ما عدا مصر تنعم بالأمن والأمان، وندعو الله أن يديمه عليها لأبد الدهر، وهذا دليل على عظمة رئيسها وقائدها عبد الفتاح السيسي.
ما أهم الأماكن السياحية في السنغال؟
لدينا الكثير من الأماكن المتعلقة بالسياحة، نبدأ من داكار العاصمة، وحين نذكرها لابد أن نشير إلى بيت العبيد، زهو مبنى تاريخي يقع في جزيرة جوريه بالعاصمة. والطقس في السنغال معتدل وجذاب للسياح من القارة الأفريقية وخارجها من أوروبيين وفرنسيين وأمريكيين، يأتون كل عام بأعداد كبيرة. بالإضافة إلى السياحة الدينية في مدية طوبا، وندعو المصريين أيضًا لزيارتها.
نشأت العديد من الفنون داخل دولة السنغال الشقيقة بعد الاستقلال.. حدثنا عن تطورها وأبرزها حاليًا؟
دولة السنغال بها فنون عديدة ومتنوعة ومختلفة، والأهم أننا لا نشجع نوعا من الفن على حساب الآخر، بل نهتم بالجميع ونطوره بشكل متوازٍ، فنحن نحاول أن نشجع الجميع لأن السنغال بها قبائل كثيرة وكل قبيلة ولها خصائصها وفنونها التي تميزها، ولابد أن نجمع الكل ونحاول تطوره دون تفرقة، ونحن في السنغال ولدنا والفن في دمائنا.
يعرف المصريون الكثير عن السنغال في مجال كرة القدم.. كيف ترى الرياضة كأداة لتوطيد العلاقات بين الشعوب؟
شرف عظيم للدولتين مصر والسنغال، أن تجد بهما أبرز لاعبين على مستوى كرة القدم الأفريقية
يلعبان جنبًا إلى جنب في أقوى الدوريات العالمية وهو الدوري الإنجليزي ضمن صفوف نادي ليفربول، ففي العام الماضي ذهب اللاعب محمد صلاح إلى داكار وحصل على الكرة الذهبية كأفضل لاعب في القارة، وهذا العام جاء ساديو ماني إلى مصر للحصول على نفس الجائزة، ولا شك أنهما أبرز اللاعبين في القارة السمراء، وهم شقيقان وإخوة. وفي الحفل الذي أقيم قبل أسابيع في مدينة الغردقة، سعدت وتعجبت من عزف الموسيقى السنغالية الشهيرة، وهذا دليل على تقدير الدولة المصرية لنا، وأن كرة القدم بصفة خاصة والرياضة بصفة عامة قادرة على تقارب الشعوب والقلوب من بعضها البعض. فضلًا عن حسن استقبال الجانب المصري وكرم ضيافته.
كيف كانت أيامك الأولى في القاهرة؟
عليكم أن تتأكدوا أن كل سنغالي يعرف مصر جيدا دون أن يضع قدميه هنا، فحين خرجت مع زوجتي إلى الأهرامات ورأتها بعينيها اندهشت وأخبرتني في الحال قائلة: “هذا ما درسته في المدرسة”، مشيرة إلى الحضارة المصرية العريقة. إذن نحن ندرس الحضارة المصرية في المدارس السنغالية منذ المرحلة الابتدائية لذلك كل سنغالي يعرف الكثير عن مصر، ولكن المصريين لا يعرفون الكثير عن السنغال، وهذه فرصة للتعارف والتبادل الثقافي.
كتبت:سحر عزازي
“الكتاب 50+1”