هل يهجر الشباب النشر الورقي لصالح الإلكتروني هربًا من “النصب والمحسوبية”؟
الوزيري: أرفض أن أدفع مقابل الوصول للقارئ.. وجلال: الناشرون يتعنتون
كتب: محمد عبد الرحمن
بمجرد أن ينتهى المبدع من عمله الإبداعي، يبحث عن دار نشر ليرى عمله النور، لكن يصاب بالصدمة من الوهلة الأولى، حيث يجد عالما آخر، غير الذى رسمه في مخيلته، عالم ممتلئ بالصراعات والمحسوبية والنصب في كثير من الأحيان، حسبما قال عدد من شباب الكتّاب.
بعد أن يفوق المبدع من صدمته، يجد نفسه مطالبا بالتخلي عن العاطفة، وتقمص شخصية التاجر، الذي يحسب مصروفاته وأرباحه بـ”البارة والسحتوت”، حتى يستطيع نشر ديوانه، أو اللجوء لنشره إلكترونيا، والتخلص من تعنت الناشرين.
في السطور التالية قصص لبعض المبدعين واجهوا صعوبات في نشر أعمالهم، بعضها طبع بالفعل والآخر قرر طرحه إلكترونيا، رفضا لممارسات سوق النشر في مصر.
لا جراءة لدى الناشرين
قال القاص هيثم الوزيري، إن دور نشر في مصر بدلا من أن تنتقي أفضل الأعمال عبر لجان القراءة وتنشرها وتتربح من عوائد بيعها، أصبحت تأخذ من الكاتب ثمنا لنشر الكتاب، وبالتالي المكسب أصبح سهلا ومريحا.
وأضاف الوزيري: “بعد محاولات لنشر مجموعتي الأخيرة ورقيا، قررت نشرها إلكترونيا مجانا، رغم عدم التخطيط لذلك مسبقا، بسبب رفضي مبدأ دفع مبالغ مالية مقابل النشر”، وتابع: “المجموعة فيها جنس، وهو المفتاح المحرك لكل القصص تقريبا، ولأن من المفترض أن دور النشر الخاصة لديها قدر من الحرية أكثر من دور النشر الحكومية، كان تركيزي منصبا عليها”.
“في البداية تجد ترحيبا وتأكيدا بعدم وجود محاذير فيما يخص المحتوى، وبعد ذلك تجد رسالة رفض من جملتين “العمل غير متوافق مع سياسة الدار، ولا خطة النشر الخاصة بها”، يكمل الوزيري.
وشدد القاص الشاب على أن “الناشرين لا يمتلكون الشجاعة في نشر مثل هذه الأعمال، ويخشون مواجهة المجتمع، وكأننا لصوص جنس”، لافتا إلى أن المجموعة رفضت رقابيا أيضا من إحدى الهيئات الحكومية مع الإشادة بمستواها الفني.
تخوفات شخصية
ويروي الشاعر الشاب وائل فتحي تجربته قائلا: تقدمت في العام 2014، بديواني “العادي ثائرا وشهيدا” لإحدى الهيئات الحكومية في مسابقة للشعراء تحت سن الثلاثين عاما، وبالفعل استقبلني الأصدقاء الشعراء من العاملين بالهيئة بحفاوة، وبعد أشهر أخبروني أن الديوان تمت إجازته من قبل لجنة القراءة.
وقال فتحي، لكن مرت سنوات بعدها من التسويف والوعود بالنشر، وكانت الإجابات “في وقت قريب”، “الشهر المقبل”، “في الخطة المقبلة” ثم “في الخطة المقبلة”، حتى تسلمت أخيرا غلاف الديوان مطلع العام 2017 لنشره ضمن إصدارات الهيئة في معرض الكتاب ونسخة PDF للمراجعة تملؤها الأخطاء وذات تنسيق سيء، ثم لا شيء.
وأكمل وائل فتحي، الفائز بجائزة أحمد فؤاد نجم فى شعر العامية عام 2019، «بعد كثير من التأجيلات والتعنت أعلنت سحب الديوان من الهيئة نهاية 2018، ونشرت الديوان عبر دار الأدهم، إحدى الدور القليلة التي تهتم بالتجارب الشعرية لدى الشباب.
كسر التابوهات
أما الشاعر والباحث يونان سعد، فقال “في البداية عرضت الديوان على ناشرين وكلاهما رفض النشر دون مقابل، ورغم إعجاب أحدهما بالنص وتحمسه له، إلا أنه برر طلب المال مقابل النشر بأن الشعر ما بيبعش، ولا يوجد ناشر يستطيع تحمل خسائر ذلك”.
وأضاف سعد: “بعد ذلك أشار عليّ الأصدقاء بتقديم الديوان إلى إحدى الهيئات الحكومية، وبالفعل تقدمت به، وهنا واجهت رحلة استمرت 3 سنوات ما بين رفض بعض المقاطع في المحتوى، بسبب التابوهات التي يكسرها الديوان، حتى اضطررت إلى فصل أعمال من داخل الديوان ونشرها في ديوان آخر مستقبلي، لأن الديوان كان يضم تجربتين”.
وأوضح أن “الديوان نشر بعد أكثر من 3 سنوات من تقديمه في الهيئة، وبعد فحصه وقراءته من أكثر من لجنة عرض، وتسبب رفضي حذف كلمات وأبيات في تعطله كثيرا، قبل أن يحصل على الموافقة ويتم نشره في النهاية”.
الطبع إلكتروني
بعد تعنت كبير من دور النشر، خاض الشاعر وليد جلال تجربة نشر إلكتروني حققت نجاحا لافتا، حيث قرر محاربة تعنت الناشرين بجمع قصائده في ديوان إلكتروني.
قال جلال: وجدت أشياء غريبة عندما قررت نشر ديواني الأول “نقوش على سطح ماء”، حيث وجدت أن إدارة النشر تدار بشكل غير مهني، يتعلق بمبدأ السوق والتجارة فقط.
وأضاف: “في البداية عرضت الديوان على أكثر من ناشر وطلبوا مبالغ مالية من أجل طبعه، قبل عرضه على ناشر آخر، ورحب جدا وتحمس لنشره، رغم تعليقه بأن شعر الفصحى ليس له رواج بين القراء، لكنه قرر أن يخوض المجازفة –على حد وصفه- ولكن بعد فترة وجدته يتدخل في العمل، ويرفض أي تصميم الغلاف، وبدا الأمر وكأنه سلعة تجارية وليس ديوانا شعريا، وهنا قررت سحبه.
وأضاف جلال: “في النهاية وجدت مؤسسة هنداوي للنشر الإلكتروني، ورحب القائمون عليها بنشر الديوان، لأنه سيكون أول ديوان ينشر عندهم، حتى أنهم عرضوا علي إتاحة الديوان بمبلغ للجمهور، لكنني رفضت، وبعد نزول الديوان كانت ردود الفعل إيجابية وحماسية للغاية، حتى أنني أفكر في نشر ديواني الجديد بنفس الطريقة لأن الأمور لم تتغير