الرجل ذا الـ66 عامًا، وقف أمامه شاب في عمر أولاده ينهره، أثناء عملهما في محل أسماك بالوراق الجيزة:«نظف السمك كويس يا راجل إنت»، حاول «العجوز» أن يحفظ ماء وجهه أمام زملائه من العمال:«يا ابنى أنت مش صاحب الشغل.. أنت زى زيك.. وأنا شايف شغلى»
ما أن انتهى منها، حتى ركله الشاب بضربة «شلوت» في بطنه فمات بعد يوم، وهو يردد على أبنائه: «عاوز حقكٍ.. ضربنى ومهنش عليه يقومنى من مكانى! ».
محمد على عيد، مات بين أحضان ابنته «فاطمة»: «نطق الشهادتين وقبل أن تفيض روحه.. قال لى: حقى يا بنتى»،
تبكى الابنه، وتقول لـ«بوابة الجريمة»:«مش عارفين نجيب محامى.. إحنا ناس غلابة أبويا كان ضهر وسند لينا.. ولا لينا عم ولا خال ولا أقارب».
«فاطمة» تنتحب، ويعلو صوتها المبحوح، وتروى أنها شاهدت المتهم «حمادة»، بسرايا النيابة العامة: «كان بياكل ويشرب ويدخن، ولا كأنه عمل حاجة»، وحين سألته باستنكار وغضب: «ضربت أبويا راجل كبير في سنّ أبوك، أنت الشاب اللى عمرك 30 سنّة؟»، باغتها إجابته:«ضربته عادى، كنت بهزر معاه وقع على الأرض».
«أبويا لقيته جاى والناس مسندة لحد البيت»، تتذكر «فاطمة»، ليلة الاعتداء على أبيها، هرولت ناحيته: «مالك يا أبويا، مين عمل فيك كده».
«السمّاك العجوز»، شرح لابنته، والدموع تسبق كلامه، بصوت عليل: «حمادة يا بنتى ضربنى .. ضربنى مكان عملية الفتاق اللى عملتها من 20 سنة.. بطنى وجنبى مش قادر منهم.. شكلى كده هموت».
احتضنت الابنة جسد أبيها الواهن، طمئنته: «متخافش هتعيش وترجع شغلك زى الفل»، نظر إليها، وقال في ضعف: «يا بنتى حمادة دا على طول بيتعدى علىّ.. دايمًا كان بيولع الورق ويحطه في هدومة من ورا وسط ضحكات وسخرية كل العمال.. ووصل به الحال أنه يخفى متعلقاتى الشخصية بياخد التليفون والمحفظة ويخلينى ادور عليهم بالساعات».
«فاطمة» دائمًا كان تسمع تلك الشكاوى من والدها، وتقول له: «خلاص يا أبويا مترحش المحل دا تانى»، لكنه يرد عليها: «عندى مصاريف يا بنتى.. فلوس النور والمياه وعلاج أمك ومصاريف البيت».
يومية «العجوز» كانت تبلغ 100 جنيه، ويوم الاعتداء عليه، قال له صاحب المحل: «خد 50 جنيه وروح على البيت»، بحسب ابنة المجنى عليه، هذا كان الموقف الوحيد لـ«رب العمل»، الذي قال لأبيها ردًا على شكوته من «حمادة» وضربه: «اتعامل أنت وخد حقك! ».
بحسرةٍ تقول الابنة: «أبويا مات قهرًا بضربة»شلوت«من عيل في سن أولاده».
«بقى له 20 سنة شغال في المحل وتكون دى نهايته»، قالتها زوجة المجنى عليه، قبل أن تضيف: «معنديش معاش ولا أي دخل، عندى 3 بنات متزوجين وابن وحيد ومريض وعنده عيال، زوجى هو اللى كان داخل وخارج عليّا»، تشير إلى حالتها المادية: «شوفوا بيتى عامل زى، أوضة واحدة فيها سريرين وتليفزيون قديم ومروحة سقف، وحمام ومطبخ شبر واحد وقبضة، كانت راضية بحالى دلوقتى مش لاقية الأمان، عاوزة حق زوجى كان بيصرف عليا»
الواقعة تركت أصداءً حزينة بمحيط سكن المجنى عليه: «عم محمد أطيب خلق الله»، وبمكان محل عمله: «كان آية تمشى على الأرض، وبيحب شغله، والخلافات بين المتهم والمجنى عليه إن الأخير كان عاوز يطرد الأول بأى شكل».
النيابة العامة، أمرت بحبس المتهم لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات، جدّدها قاضى المعارضات لـ15 يومًا، واستعجلت تقرير مصلحة الطب الشرعى للوقوف على أسباب وفاة المجنى عليه.