يعتبر نهر النيل من أطول الأنهار فى العالم إذ يبلغ طوله حوالى 6650 كيلو متر ، ويمر نهر النيل بالعديد من الدول منها أثيوبيا وأوغندا ورواندا وبورندى وتنزانيا وكينيا واريتريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومصر والسودان وجنوب
السودان.
إلا أن دولة مصر هى دولة المصب الرئيسية ، أما السودان فيوجد بها
بعض الروافد التى تزود مياه النيل وهو ) بحر الغزال( ، وبالتالى ﻻ يمكن اعتبار
دولة السودان من بين دول المصب الاساسية ، ولذلك فإن الدولة الوحيدة التى
سوف تتأثر بإنشاء سد النهضة اﻻثيوبى هى مصر .
وحقوق مصر فى مياه النيل واضحة وجلية ، ولذلك فإن االاعتراض بالطرق الدولية الشرعية هو حق أصيل للدولة المصرية وﻻيمكن إنكاره أو التشكيك فيه ، فهو من
الحقوق التاريخية الدولية التى يؤيدها القانون الدولى بقوة.
فمن المصادر الرئيسية للقانون الدولى المعاهدات الدولية والعرف الدولى ،
وبالنظر إلى المعاهدات الدولية فنجدها فى صالح الدولة المصرية ، كما أن العرف
الدولى يؤيد الجانب المصرى ويدين الجانب الإثيوبي .
أولًا : المعاهدات الدولية :
1 -بروتوكول 15/4 /1891 الموقع بين (بريطانيا ) عن الجانب المصرى ( وايطاليا)
عن الجانب الإثيوبى ( التى نصت على عدم جواز عمل أى أشغال تؤدى إلى
عدم تدفق مياه النيل .
2 -المعاهدة المبرمة بين (بريطانيا ) عن الجانب المصرى وبين إثيوبيا عام
1902 والتى بمقتضاها تعهد امبراطور إثيوبيا (مينليك الثانى ) بعدم إقامة أو
السماح بإقامة أى سدود على مجرى النيل الأزرق وبحيرة تانا ونهر السوباط
تؤدى إلى التأثير على تدفق المياه إلى نهر النيل .
3 -الاتفاقية المبرمة عام 1929 :
والتى أبرمت بين الحكومة المصرية وبين بريطانيا نيابة
عن عدد من دول حوض النيل ( أوغندا وتنرانيا وكينيا ) والتى تضمنت إقرار
دول حوض النيل بحصة مصر المكتسبة فى مياه النيل وأن لمصر حق
الاعتراض (فيتو) فى حالة إنشاء هذه الدول مشروعات جديدة على النهر
وروافده وجاء بهذه الاتفاقية بعدم جواز إقامة أى أعمال رى أو توليد قوى أو
أى إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التى تنبع من السودان أو
البﻻد الواقعة تحت اﻻدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه التى تصل
إلى مصر أو تعديل تاريخ وصولها أو تخفيض منسوبها على أى وجه يلحق
ضرراً بمصالح مصر .
4 -اﻻتفاقية الموقعة بين مصر وإثيوبيا عام 1993:
تعد اﻻتفاقية الدولية الموقعة بين مصر والجانب اﻻثيوبى عام 1993 من
الاتفاقيات الدولية الهامة فى هذا الصدد ، إذ نصت المادة الخامسة من اﻻتفاقية
على عدم جواز إقامة أى سدود أو إنشاءات على النيل اﻻزرق إالا بموافقة
الطرفين ( الجانب المصرى واﻻثيوبى مجتمعين ) ومعنى ذلك النص أن أى
إجراء منفرد من الجانب اﻻثيوبى يُعد مخالفة صارخة لتلك اﻻتفاقية ويُعطى
الحق للجانب المصرى فى اﻻعتراض الدولى بكل الطرق المتاحة …
ولما كانت إثيوبيا تقوم حالياً بالملئ الثانى لسد النهضة اﻻثيوبى الذى أنشئته على النيل اﻻزرق بالمخالفة لﻻتفاقية الدولية المبرمة عام 1993 وقامت بإرادتها
المنفردة وبدون موافقة مصر على قواعد الملئ الثانى بالبدء الفعلى فى الملىء
الثانى.
الأمر الذى يعتبر انتهاكاً واضحاً لنصوص اﻻتفاقية الدولية ويضع دولة
إثيوبيا فى مأزق دولى وقانونى خطير ، إذ أن الواجب اﻻن على كل دولة احترام
تعهداتها الدولية وأن الخروج على تلك التعهدات يشكل خرقاً لقواعد القانون
الدولى الواجب اﻻحترام ، ذلك أن المعاهدات الدولية من المصادر الرئيسية للقانون الدولى وأن مخالفتها يعتبر إعتداءاً على مبادىء القانون الدولى
ويشكل فى ذات الوقت جريمة دولية كبرى.
ﻻن اﻻعتداء على الحقوق
المكتسبة لمصر فى مياه النيل فيه اﻻضرار بالبشر والمصريين الأمر الذى يستوجب تدخل المجتمع الدولى لمواجهة تلك اﻻنتهاكات اﻻثيوبية بشكل سريع
وحاسم .
ثانياً : العرف الدولى :
يُعد العرف الدولى من المصادر الرئيسية للقانون الدولى ويأتى فى المرتبة
الثانية بعد اﻻتفاقيات الدولية ، ولما كانت اﻻتفاقيات الدولية المبرمة بين الجانب
المصرى واﻻثبوبى تصب كلها فى صالح مصر وﻻسيما اﻻتفاقية الدولية المبرمة بين مصر وإثيوبيا عام 1993والسابق اﻻشارة إليها .
وإذا ما انتقلنا أيضاً إلى العرف الدولى فنجد أن العرف الدولى يؤيد الجانب المصرى وبقوة ﻻ يستهان بها
اذ أن مصر اعتادت على استﻻم حصتها من مياه النيل بشكل منتظم ومتواصل
ولفترات طويلة جداً ، وأن حصتها ثابتة ومعروفه وهى 55.5 مليار متر مكعب
سنوياً مما يؤكد وجود عرف دولى ﻻ يمكن التشكيك فيه، وهذا العرف الدولى
ﻻ يجوز مناقضته أو تغييره وإﻻ يُعد ذلك انتهاكاً صارخاً للقواعد الدولية واجبة
اﻻحترام بين الدول.
وعلى هذا الأساس نجد أن الجانب اﻻثيوبى يرتكن فى بناءه لسد النهضة
اﻻثيوبى إلى اﻻهواء واﻻرادة المنفردة التى تعصف بالعﻻقات بين الدول وتؤدى
إلى اضطراب المنطقة ككل بسبب الممارسات الخارقة للقانون الدولى ، وعندما تعتدى إثيوبيا على حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل وعندما تخترق إثيوبيا وتنتهك اﻻتفاقيات الدولية المبرمة بينها وبين مصر .
وعندما تخالف إثيوبيا قواعد العرف الدولى ، فإن ذلك يُعد خروجاً عن مبادئ المجتمع الدولى وخروجاً عن
مبادئ اﻻمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية وتكون إثيوبيا دولة خارجة على أحكام القانون الدولى يتحتم على المجتمع الدولى مجابهتها ومواجهتها بكل الطرق لوقف تصرفاتها المشينة.