العودة لمقالات بيكاسو والآخرين .كل ثلاثاء وجمعة، القبض على الممكن في فضاء المستحيل ..
الفنانة الناقدة إيمان منير ومقدمة الكتاب .
في هذا الفضاء الواسع، أرض الله الرحبة. أشجارها الحنان، وعشبها حب لانهاية له . فضاء واسع يرجو الأمان ..ومؤذن أذن صدق القلوب، في زمن فساد أئمة الزمم بلا ضمير، أجراس كنائس توجع تحي الهمم على أسفلت الطرق الوعرة، في زمن الزيف.
الكاتبة الفنانة إيمان منير في معظم حلقات بيكاسو والآخرين، القبض على الممكن في زمن المستحيل، كانت تترصد بذكاء نقاط قوة وضعف، تترصد الصدق وتتابع نبضات قلب يكتب الحقائق .
بالتالي، وبعد سماع خبر دخول كتابي اللوفر المطبعة وأصبح جاهزا لمعرض الكتاب القادم في القاهرة ، بمقدمة كتبها نويل كورية أحد أهم نقاد فرنسا المعاصرين، كان الدور طبيعي علي من حولي من الصادقين لأطعم بصدقهم حروفي، وأضفر بشعور أمانهم وجه النصوص ،
أنتم من تعطون القوة للناقد، السيدة أو السيد المتلقي، أنتم المبدعين الحقيقيين لأنكم أنتم القادرين، علي هز قواعد الإبداع الخاملة في قلوب المبدعين. فاليوم أترك مكاني والجمعة القادمة لنصوص إيمان منير التي لم التقي بها ولا بزوجها الرائع الفنان وليد ولا مرة في حياتي. بعيدا عن الفيس بوك حتي أرقام التليفونات لم نتبادلها. لكن لا أظن أن للصدق حدود أو جغرافيا تحددها خطوط وهمية رغم ذلك ستكون نصوص السيدة إيمان منير مقدمة لكتابي ______________________________________
السيدة Eman Mounir ترددت كثيرا أن أقول الكلام هذا، لكن سأقوله وأجري علي الله . أقول ليتك تتفرغ للنقد. كم نحن في احتياج لناقد يحمل نفس كفاءتك و اقتدارك، يمتلك أدواته، واعي مثقف فنيا، له باع طويل بالفن يؤهله لهذا الدور الخطير الثقيل، و يمنحه كل مقوماته التي تصل به إلى الاحترافية. و المهنية بكل جدارة،
وهو حقيقي دور ثقيل يحتاج التفرغ له ليعطي حقه كما ينبغي.
لكن لا أتردد أن أقول أنك فنان مبدع له مساحته و منطقته. التي لا يمكن أن يشغلها أحد، والفن أيضا يحتاج كل تركيزك .وقتك والجمع بين الدورين حمل مضني علي شخص واحد أكيد ،
ما تقوم به يا فنان من جهد تحليلي و دراسات فنية و تنوير و تعريف بفنانين يمتعونا بإبداعاتهم، سواء كانوا معاصرين او سبقوا عهدنا بسنوات، ليصبحوا علامات في تاريخ الفن ، يحسب لك ولرصيدك و تاريخك و يثري فلسفة إبداعك، مجهود مشكور عليه.
حقيقي أنت نموذج يحتذى به في النقد الفني الذي يثري الثقافة البصرية كما يجب أن يكون.
لا ننكر أبداً وجود نقاد محترمين في الساحة التشكيلية، يمارسون النقد بمهنية، وأسماؤهم نزيهة، لكن المتفرغون منهم لمهنة النقد بعيدا عن العبث، و الممارسات التي لا تعد جادة لا ترتقي إلا لكونها انطباعات وآراء شخصية، أو نوع من أنواع التغطية الإخبارية .و الإعلان او المجاملات و القفز في ساحه لا ينتمون إليها، من قريب أو بعيد ولا يحق الاعتراف بها في هذا المجال عددهم قليل جداً لا يتناسب مع حجم الحركة التشكيلية محلياً وعالمياً، ولا تلقي حركتهم النقدية الاحتفاء والاهتمام والدعم الواجب للأسف الشديد!!!
ولا يتم وضعها في إطارها المناسب كجزء أصيل لا يتجزأ من العملية الفنية.
مقالات بيكاسو مميزة، نموذج يدرس في النقد والتحليل لفنان قدير له قيمته و وزنه في الفن المعاصر في مصر وخارجها ،نتوقف أمام هؤلاء الفنانين العظماء جميعهم متأملين كل منهم علي حدى في محاولة لفهم وتحليل تجربتهم الفارقة في تاريخ مسارات الفن و الوصول لأعمق نقطة في مساحاتهم الإنسانية والإبداعية في هذا الوجود؛ علنا نصل لخريطة واضحة تحدد معالم عوالمهم.
فهناك عاشق النساء، و عاشق الطبيعة، وعاشق اللون، وعاشق الضوء، و عاشق ذاته، وعاشق وعاشق وعاشق، ومعشوق.
كلهم يبحثون عن سر الأسرار وقدس الأقداس الذي يحرره و يفجر طاقته الإبداعية
ولا يمكن أن يصل إلى تلك الانطلاقة إلا برحلة طويلة متشعبة الأبعاد، تمنحه هذا التفرد في هذا الوجود المتشابه حد الاستنساخ.
هذه هي متعتنا القصوى، متعة البحث والتنقيب، غاية الوصول لسر كل حاله منهم. وكلما وصلنا إلى مستوى؛ نكتشف أننا ما زلنا على شواطئ بحور تنتظر الغوص والإبحار فيها أكتر وأكثر، ولا نصل أبداً.
الوصول يعني انتهاء النشوة وانقطاع المتعة.
هذا هو السر الوحيد الذي يجمع بين هؤلاء المبدعين، إننا لن نستطيع أن نكشف الغطاء عن غموضهم الساحر ابداً.
دمت مبدعا ودام حرفك البراق وفكرك الذي ينير مناطق كانت ومازالت مظلمه في هذا العالم . وتأخذني الذكريات حين كنت طالبة، أدرس التشريح في (الشكل الإنساني)، المعلوم لكل دارسي الفن نسب التشريح في الهيكل الذكوري أو الأنثوي، كذلك رسم البورتريه.
كنت أرسم الشكل الذكوري بأكتاف عريضة جدا، و الأنثوي بطول مبالغ فيه جدا ضاربه بعرض الحائط النسب الآدمية الطبيعية التي درسناها و تدربنا عليها في محاضرات التشريح
وحين سألني أساتذتي لماذا ترسمين الشكل بهذه النسب الغريبة والغير طبيعية؟؟
تأتي إجابتي حينها، لا أعلم، ويصبح الصمت رفيقي.
حقيقي لا أعرف السر ولماذا!!! لا يوجد سبب. لا أعرف لماذا أرسم بلا أي تعمد، وربما مجرد تلك المقاييس تجعلني أراهم أجمل ببساطة، لأن هذا هو سر الإبداع الأعظم.
1_ كاريزما الفنان
2_ الخيال / حريته في مقدار قدرته علي فتح مغالق عقله علي عالم الخيال.
نعم كلاهما فارق جذريا في عملية الإبداع، وفي خلق فنان من طراز خاص، قادر بفنه علي إحداث تغيير جذري .و ثوري في مسارات تسبقه.
التمرد عزيزي الفنان عبد الرازق عكاشة ، يحتاج إلى كاريزما قوية و خيال جامح إذا لم يتوفر في أركان الإبداع ،هنا ستتوقف العملية الإبداعية برمتها.
الكاريزما، والخيال، موهبة فطرية تصقل بحجم مهول من المعرفة و الثقافة. تصل بالفنان إلى مرتبة الفيلسوف المفكر الذي يصنع مذهبا فكريا جديدا يعيد خلق كل ما هو مخلوق بالفعل خلال لوحاته أو خلال كل ما يبدعه أي مبدع في مجاله، وفرض بعد جمالي جديد و مختلف؛ يفرض بقوه و هيمنة مفهوم خاص و جديد للجمال؛ ليجد المتلقي نفسه أمام قيم جمالية تشكيلية خاصة، بذات الفنان وحده، تعيد نظرته و رؤيته لمفهوم الجمال.
هذا هو العشق و الجنون ذاته، قطبي النشوة، نشوة الإبداع و التلقي علي حد سواء.
الافتقار لأي من تلك المفاهيم يحدث خللا حقيقيا في كل شيء، خلل في مفهوم الفن والإبداع و النقد.
الفنان و المتلقي، خلل في العملية برمتها و كل ما يتعلق بها من أركان.
أشكر مقالاتك القيمة بثرائها و أبعادها الغنية العميقة. فهي بمثابة دراسات فيها من الجهد والبحث و الإبداع اللغوي و التعبيري ما يستحق كل تقدير واحترام
ممتنة دائماً للمشاركات التي تضيف ببراعة متناهية إلى معرفة وثقافة كل مهتم بالفن.