تصحيح الاعتقادات الخاطئة حول وظيفة الرقابة
بقلم : د. هشام البحيري
( خبير تطوير إداري وموارد بشرية )
اعتاد الكثير من الممارسين للعمل الإداري على إساءة استخدام وظيفة الرقابة، حيث يعتبرونها وسيلة لكشف عيوب وأخطاء البشر، ووسيلة يستطيعون من خلالها إيقاع الأذى بهم ومعاقبتهم .وهذا الاعتقاد تتبرأ منه وظيفة الرقابة، ولا ينسجم مع أهدافها ومبادئها. ومن أجل تصحيح مثل هذه الاعتقادات الخاطئة ..
أولا: مفهوم الرقابة : يعتبر مفهوم الرقابة من المفاهيم الإدارية القليلة التي اتفق غالبية الكتاب والممارسين على صياغتها. فعندما تبحث في كافة المراجع والدوريات الإدارية ستلحظ أن مفهوم الرقابة لا يخرج عن:
” تشمل الرقابة كافة الأنشطة التي يمارسها المدير من أجل التحقق من أن النتائج الفعلية تتطابق مع الخطط والمعايير المحددة سلفًا، وتحديد الانحرافات بنوعيها الموجبة والسالبة والعمل على تصحيحيها “.
وفي ضوء هذا التعريف ، يمكن استخلاص نتيجتين أساسيتين :
1-الغرض النهائي مـن الرقابـة هـو تحقيـق التـواز ن المطلـوب بـين الأداء الفعلي والمعايير.
1-تتكون الرقابة من أربعة مراحل متتابعة ومتكاملة مع بعضـها البعض، وهذه المراحل هي:
2/1 وضع المعايير الرقابية.
2/2 قياس الأداء الفعلي.
2/3 مقارنة الأداء الفعلي بالأداء المخطط )المعايير( واكتشاف الانحرافات بنوعيها.
2/4 تصحيح الانحرافات غير العادية.
وتعتبر خطوات عملية الرقابة خطوات واحدة في كل أنظمة الرقابة مهما اختلفت نوعية المنشأة والمجالات الرقابية. وبالتالي فالفرق بين منشأة وأخرى يحدث في درجة الكفاءة في أداء كل مرحلة أو درجة آليتها. ولا شك أن خطوات عملية الرقابة تعبر عن دورة متكاملة ،تبدأ من وضع المعايير، ثم تسجيل الأداء الفعلي، ثم المقارنة والتقييم وتحديد الانحرافات وتحليلها لاتخاذ الإجراء التصحيحي المناسب لمعالجة الانحرافات غير العادية منها. وترتبط عملية التصحيح بالتعديل سواء لسلوك الأداء أو المعايير ا ددة طبقاً لأسباب الانحراف.
إن إظهار طبيعة كل مرحلة من مراحل العملية الرقابية تتطلب منا توضيح بعض الجوانب الأساسية لكل منها كما يلي:
1- وضع المعايير الرقابية:
تعتبر هذه المرحلة من أولى الخطوات الرئيسة لدورة الرقابة بل تعتبر الأساس لفعالية الرقابة خصوصاً أن المعايير ما هي إلا خطط تصف ما يجب أن يؤدي أو يحدث، وتستخدم في عملية مقارنة الفعلي والتقييم وتحديد الانحرافات.
إن وضع معايير الأداء ليست بالمهمة السهلة لحاجاتها إلى إدراك حقيقي لبيئة العمل الفعلية، وحتى تصمم بما يجعلها مناسبة للواقع بحيث لا تكون سهلة الوصول إليها بشكل لا تدفع الأفراد إلى بذل المزيد من الجهد. كما أنها يجب ألا تكون مبالغ فيها مما يؤدي إلى تعذر الوصول إليها مما ينعكس في النهاية على انخفاض معنوياتهم.
ومن المعروف أن أي تنظيم يحوي بين جنابته مجموعة من الأنشطةالمتباينة في طبيعتها ونوعياتها، ومن الطبيعي أن يؤثر هذا الاختلاف على المعايير المناسبة لها ونوعياتها، ويمكن تقسيم المعايير إلى نوعيين رئيسيين هما:
” المعايير المادية الملموسة: وتمثل هذه المعايير معيار الوقت،والتكلفة،والجودة ،والوحدة، والعائد. وتعتبر هذه المعايير من أكثر أنواع المعايير استخداما في الواقع العملي نظراً لدقتها وسهولة تحديدها. ولكن المشكلة أن بعض الأنشطة يصعب قياسها كمياً مما يستلزم الالتجاء إلى المعايير غير الملموسة النوعية وقد تستخدم المعايير الكمية في أغراض الرقابة فقط، وقد يرتبط بها أنظمة أخرى مثل أنظمة ربط الأجر بالإنتاج وحوافز ومكافآت العاملين. إن وجود هذه الحالة الأخيرة تؤدي إلى تعقد المشكلة أكثر مما لو استخدمت للأغراض الرقابية فقط.
والأمثلة للمعايير الكمية كثيرة، فمثلاً يوجد معيار الوقت ويرتبط بتحديد الزمن اللازم للأداء مثل معدل إنتاج الآلة أو العامل في الساعة، أو الوقت اللازم لإنتاج الوحدة، أو الوقت اللازم لتنفيذ أوامر الإنتاج أو مراحل الإنتاج. أما معيار التكلفة يعتبر من المعايير الكمية الشائعة الاستخدام الفعلي مثل تكلفة الوحدة المنتجة، وتكلفة المبيعات، وتكلفة العمالة أو الخامات أو التعبئة أو النقل. كما يوجد معيار الجودة الذي يستخدم في مجال الإنتاج لتحديد مواصفات المنتج والذي على أساسه يتم الفحص ومراقبة الجودة. بينما معيار الوحدة يستخدم في مجالات متعددة مثل الإنتاج والمبيعات والشراء والتخزين مثل الطن، والكيلو جرام ، والمتر ، واللتر . بجانب هذه المعايير يوجد معيار العائد مثل مجمل الربح وصافي الربح، والعائد على الاستثمار، ومعايير رأس المال التي تستخدم في الحكم على كفاءة الاستثمار والمركز المالي للمنشأة.
معنى ذلك أن المعايير المادية تحظى بقبول منشآت الأعمال لسهولة تحديدها ودقتها مقارنة بالمعايير الغير ملموسة.
* المعايير غير الملموسة: وتمثل درجة الرضا عن العمل، والروح المعنوية، والعلاقة مع العاملين أو المجتمع .ورغم الطبيعة الغير محددة لهذه المعايير وصعوبة تحديدها، إلا أنه يجب أخذها في الحسبان لأجل فعالية الرقابة طالما أن الجوانب والمجالات التي تغطيها لها تأثير واضح المعالم على مدى تحقيق أهداف المنشأة الرئيسية.
2- قياس الأداء الفعلي:
تتعلق هذه المرحلة بتسجيل وقياس الأداء الفعلي. وتتوقف فعالية هذه الخطوة على وجود نظام متطور للمعلومات يوفر التغذية العكسية عن نتائج التنفيذ، ويتيح تسجيل التفصيلات التي تساعد في تحليل الانحرافات بدقة. إلا أن عملية التسجيل التفصيلي تحتاج إلى تكلفة كبيرة وتستغرق وقت طويل خصوصاً إذا ما تم الاعتماد على النظام اليدوي في تسجيل المعلومات. كما أن كثرة التفصيلات قد تعطي انطباعا سيئاً لدى المنفذين أو تعرقل تدفق العمل. وعموماً الأمر يحتاج إلى موازنة دقيقة بين كافة هذه الجوانب عند تحديد درجة التفصيل المطلوبة.
ويعتبر الوقت عامل حيوي عند أداء هـذه المرحلـة، وهـ ذا يفـرض أهمية التسجيل الفوري للنتائج عقب حدوثها. حيـث يـرتب ط بعمليـ ة التأخير في هذه المرحلة أخطار عديدة قد تؤثر على كفاءة العمل ككـل ، وتزيد من تكلفة الإنتاج، وتخفض مـن الربحيـة . ويوجـد أم ثلـة كـثير ة تؤيد هذه الحقيقـة ، فمـثلاً في حالـة بـطء عمليـات التسـج يل والقيـاس لمسـتوى المخـزون، يكـون نتيجـة هـذا التـأخير احتمـالات نفـاد الصـنف تكون كبيرة. ومن الطبيعي إذا ما حدث نفاد الصـ نف فعـلاً فإنـه يـؤدي إمـا إلى توقـف الإنتـاج أو اضـطرار المنشـأة إلى الشـراء العاجـل وفي كلتـا الحالتين تؤدي هذه الظاهرة إلى ارتفاع التكلفة.
3- مقارنة الأداء الفعلي بالأداء المخطط (المعايير) واكتشاف الانحرافات .
وينبغـي أن تـتم عمليـة المقارنـة والتقيـيم في أسـرع وقـت ممكـن لأجــل اكتشــاف الانحرافــات قبــل أن تتضــخم أخطارهــا وحتــى يمكــن معالجتهـا في الوقـت المناســب وبأقـل قــدر ممكــن مـن التكلفـة. حيــ ث يرتبط بعملية التأخير في هذه المرحلة أيضـاَ أخطـار عديـدة قـد تـؤثر على كفاءة العمل ككل، وتزيد من تكلفة الإنتاج، وتخفض من الربحية. فمثلاً في حالة بطء إجراءات مراقبة الجودة يحتمل أن تؤدي إلى تفـاقم العيوب وارتفاع تكلفة الإنتاج نتيجـة لزيـادة ن سـبة المعيـب في الإنتـاج . كمـــا أن التـــأخر في عمليـــة مقارنـــة نتـــائج أداء المنفـــذين واكتشـــاف انحرافاتهم يؤدي إلى استمرارية الأخطاء في حالة حدوثها مما يـؤدي إلى ارتفاع تكلفة العلاج أو صعوبته أو تعذره في بعض الحالات.
4- تصحيح الانحرافات غير العادية:
تعتبر هذه المرحلة ركن أساسـي في عمليـة الرقابـة طالمـا أن الغـ رض النهـائي مـن الرقابـة هـو تحقيـق التـوازن المطلـوب بـين الأداء والمعـايير . ويـرتبط نشـاط التصـحيح بثلاثـة أشـكال رئيسـية إمـا عـدم التغيير أو التعديل في الأداء أو المعايير، أو تعـدي ل في سـلوك الأداء الفعلـي ، أو تعديل المعايير أو الخطط الموضوعة.
ومـن الطبيعـي أن أداء أي شـكل مـن هـذه الأشـكال الثلاثـة يتوقـف بالدرجة الأولى على طبيعة ونوعية الانحراف ودرجـة حدوثـه . فمـثلاً إذا أظهرت عملية المقارنة والتقييم وجود انحراف ولكن هـذا الانحـراف بسـيط ولا يـؤثر علـى درجـة تحقيـق الهـدف ا ـدد فهـذا يعـني إتبـاع الشــكل الأول وهــو عــدم تعــديل في الأداء أو المعــايير .أمــا إذا أظهــر أن الانحراف يتجاوز الحدود المعيارية المسموح بها ، فهذا يعني أن الانحراف غـير عاديـاً لتـأثيره علـى مـدى تحقيـق الهـدف ا ـدد ، وبالتـالي يـتم البحث والدراسة عن طبيعة هذا الانحـراف حتـى يمكـن اتخـاذ الإجـراء التصحيحي المناسب.
وتتعلـق عمليـة البحـث والدراسـة للانحـراف غـير العـادي بجوانـب متعددة تحدد نوعية الانحراف والأسباب والعوامل المؤديـة إل يـه، والـتي قـد تكـون راجعـة لقصـور في التنفيـذ أو التخطـيط، فـإذا مـا تـبين أن السبب الرئيسي لظهوره يرجع لوجود عقبات في التنفيـذ أدت إلى عـدم وصــول الأداء الفعلــي لمســتوى المعــايير ، في هــذه الحالــة يكــون الإجـراء التصـحيحي متعلـق بتعـديل سـلوك الأداء بمـا يحقـق التـوازن المطلــوب .أمــا في حالــة مــا إذا كــان الانحــراف را جعــاً لــتغير الظــروف والافتراضات التي بنيت عليها الخطة وحـددت علـى أساسـ ها المعـ ايير، في هذه الحالة يكون الإجراء التصـحيح مـرتبط بتعليـق بتعـديل المعـايير الموضوعة وتصحيح مسارات التخطيط.
معنى ذلك أن نشـاط التصـحيح يـرتبط أساسـاً بوجـو د الانحرافـات التي تتجاوز الحدود المسموح بهـا، وقـد تكـون هـذ ه الانحرافـات لعوامـل راجعــة لظــروف التنفيــذ أو التخطــيط ممــا يتطلــب تعــ ديل الأداء أو المعـايير. ويمكـن القـول أن تعـديل المعـايير أمـر صـعب، ولكـن في نفـس الوقت من الضروري تعديلـها إذا مـا تغـيرت الظـروف الـتي أعـدت علـى أساسـها حتـى يمكـن للمنفـذين الالتـزام بهـا، وحتـى تتحقـق الفعاليـة المرجوة من تحديدها.
إن نشاط التصحيح ليس بالأمر السـهل ، ويتطلـب وعـي وإدر اك مـن المــدير، ويحتــاج إلى ســرعة التغذيــة العكســية حتــى يمكــن اكتشــاف الانحرافات بسرعة، وإجراء عملية التصحيح في الوقت المناسـب قبـل أن تتفاقم الأخطاء أو يتعود المنفذين على وجودها مما يـؤدي إلى صـعوبة العلاج أو تعذره في بعض الحـالات . كمـا يجـب إمـداد المنفـذين بالوسـائل والأدوات الـتي تعـاونهم في التعـرف أوًلاً بـأول علـى مو قـف أدائهـم وقـت حدوثه، والكيفية التي بموجبهـا يـتم تصـحيحه في حالـة عـ دم توازنـه مع مستوى الأداء المرغوب.
وتعـد خطـوة تصـحيح الانحرافـات هـي خطـوة ضـرو رية لتحقيـق إيجابية الرقابة، كما أن فعالية أدائها تؤدي إلى جـدوى المراحـل السـابقةلأنه لا قيمة من دقة وضع المعايير وسرعة التسجيل والقياس والمقارنـةوالتقييم إذا لم تعقبها عملية التصحيح المناسبة.
بجانب ما تقدم يجب أن نشير أنه يصعب اتخاذ الإجـراء التصـحيحي تجاه كل الانحرافات في الواقع العملي طالما أن بعض الانحرافات وجودهـا لا يؤثر على درجة الكفاءة في تحقيق الهـدف . بـل تعتـبر ضـ رورة لأجـل توفير المرونة في التنفيـذ وتحقيـق اقتصـادية ال رقابـة . إن هـ ذه الحالـة تفرض ضرورة أن يتضمن المعيار حدود للاختلاف المسـمو ح بـه، ومـن الطبيعـي أن هـذا المــدى يتوقـف علـى أهميـة الأداء وتكلفـة الانحـراف والرقابة . إن إتباع المدير لهذا المبـدأ الـذي يطلـق عليـه م بـدأ الاسـتثناء عند تعامله مع الانحرافات يجعله يركز على الانحرافات غير العادية أي الشاذة والتي تحد من إمكانية بلوغ الأهـداف ا ـددة بـدلاً مـ ن تشـتيت جهـده في تحليـل كافـة الانحرافـات كمـا أن هـذا المبـدأ يعـاون في خفـض تكلفـة الانحرافـات الـتي تكـون محـل الرقابـة والتصـحيح طبقـاً لمبـدأ الاستثناء.
ثانياً: أنواع الرقابة .. هناك ثلاثة أنواع من الرقابة الإدارية. النوع الأول، وهو ما يطلق عليه الرقابة المسبقة Precontrol والنوع الثاني يطلق عليه الرقابة أثناء الأداء Concurrent Control والنوع الثالث ما يطلق عليه الرقابة اللاحقة Feedback Control وكما هو ملاحظ فإن تحديد نوع الرقابة يتم بناءًُ على الوقت الذي تمارس فيه بالنسبة للأداء .
فالرقابة الإدارية:
1- الرقابة المسبقة: تعبر الرقابة المسبقة عن عمليات الرقابة التي تتم قبل الأداء. وهنا تقوم الإدارة بإيجاد سياسات، وإجراءات وقواعد تهدف إلى منع أنماط السلوك والتي يمكن أن يترتب عليها حدوث أخطاء في الأداء أو انحرافات. وعلى سبيل المثال ففي أحدمتاجر الأقسام قد يجد المدير أن عدم انتباه البائع للعميل من الممكن أن يترتب عليه زيادة في مردودات المبيعات كنتيجة لاكتشاف العميل عدم ملائمة المنتج لرغباته، وهنا فقد يصدر المدير قاعدة أو أمر بحيث يمنع رجال البيع من الحديث مع بعضهم البعض أثناء عمليات البيع. ويترتب على ذلك انتباه رجل البيع تماماً لطلبات العميل ومن ثم لا تحدث مردودات المبيعات بشكل يمثل مشكلة .مثل هذه القاعدة تعبر عن عملية رقابة إدارية مسبقة تهدف إلى توقع المشاكل قبل حدوثها ومن ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع حدوثها.
1-الرقابة المصاحبة: يمارس هذا النوع من الرقابة أثناء الأداء .وقد يطلق عليها متابعة. فعلى سبيل المثال يعد التأكد من وجود الموظف في مكان عمله أثناء فترة العمل، أو أن الآلة تعمل طبقاً للقياسات الخاصة بها، أو أن مستوى نظافة مكان العمل ملائمة. كل هذه تمثل عمليات رقابة مصاحبة للأداء وتتطلب عمليات متابعة مستمرة من قبل الإدارة في مكان العمل.
1- الرقابة اللاحقة: تركز هذه الرقابة على قياس الأداء بعد التنفيذ الفعلي للعمل، حيث يقوم المدير بدراسة وفحص نتائج الأداء التي تمت بالفعل خلال فترة زمنية سابقة. وقد يتم هذا الفحص لجانب واحد محدد أو قد يتناول جميع الجوانب الخاصة بالأداء التنظيمي. وعلى سبيل المثال، فقد يقوم المدير بفحص وضع المخزون خلال فترة زمنية سابقة لمعرفة المستويات المختلفة للمخزون التي أتبعتها المنشأة وما إذا كانت سليمة أم لا. وقد يتناول فحص كلي من خلال دراسة تاريخية للعائد على الاستثمار والعوامل المشتركة في تحقيقه.
ثالثاً: وسائل الرقابة
إن وظائف الرقابة لا تنفذ نفسها وإنما تمارس عن طريق وسـائل أوالنــاس. ولعــل أبســط وســيل ة للرقابــة هــي الملاحظــة الشخصــية ، إذيستطيع المدير عن طريق ملاحظة عمل المجموعـة أن يحـد د مـثلاً مـاإذا كان هناك تقدم أم لا يتفق مع المسـتوى الم طلـوب ، وتحديـد الإجـراء التصحيحي الذي ينبغي اتخاذه إذا لم تكن النتيجة مرضـية، لكـن مـن الواضح أن الملاحظة الشخصية محـدودة بم قـدرة المـدير علـى التو اجـد شخصياً ليرى ما يجرى .و يستطيع المدير مراجعة السجلات لمعرفة ما يجـرى داخـل إدارتـه ، أو قـد يحصـل علـى تقـارير ملخصـة ترسـل إلى مكتبــة ، وبهــذه الطريقــة يســتطيع المــدير الإحاطــة بعمــل المنظمــة المنتشر في مساحة واسـعة .ويمكـن اسـتخدام وسـائل مسـاع دة متنوعـة كالتليفون أو الكمبيوتر أو الخرائط بأنواعها للإسراع في نقل التقارير والسجلات.
وتــرتبط مجموعــة أخــرى مــن وســائل الرقابــة بالاتصــالات بــين الأشـخاص ، فيسـتطيع المـدير تحسـين رقابتـه عـن طريـق الاسـتخدام المناســب للأوامــر والتعليمــات ، ويمكــن تزويــد الم رؤوســين بالتوجيــه اللازم لكي يطابق عملـهم مـع الخطـط المرغوبـة شـف هياً أو عـن طريـق التوجيهات والسياسات ، ويمكن زيـادة فعاليـة هـذ ه الوسـائل باسـتخدام طـرق حفـز أو إجـراءات تأديبيـة مناسـبة ، أي أن هنـاك نـواح تتصـل بالعلاقــات الإنســانية بالنســبة للرقابــة بجانــب النــواحي الميكانيكيــة الخالصة ، وفي الحقيقة يمكن تقليـل مقـدار اهتمـام المـدير والحاجـة إلى النقل الميكانيكي للمعلومات بالقدر الذي يسمح بـه تـدريب المرؤوسـين وحفزهم طبقاً للخطط المرغوبة.
ويجب أن تؤدى الرقابة في تتابع فعـال ، وهـذا التتـابع لا ينبغـي أن يــؤدي فقــط إلى ربــط وظــائف الرقابــة معــًاً، ولكــن ربطهــا بطريقــة صحيحة بنواحي النشاط المطلـوب مراقبتهـا ، ويجـب أن تسـند وظـائف الرقابة بالأسلوب نفسه إلى وحدات تنظيمية مرتبطـة ببعضـها جيـدًاً ، وبهذا الشكل فإن مسئولية ممارسة وظائف الرقابـ ة تحـدد دون ثغـرات في السلطة الخاصة بالرقابة أو التداخل في تلك السلطة.
رابعاً: مبادئ الرقابة :
تتوقف فعالية الرقابة على وجود نظام رقابي سليم يتلاءم معظروف العمل، ويتكامل مع التنظيم، ويحقق الاقتصادية في الأداء ويعاون في كشف وتصحيح الانحرافات في الوقت المناسب. إن التصميم السليم لهذا النظام يتطلب مراعاة كافة الأسس والاعتبارات والعوامل المؤثرة. وبالرغم من عمومية هذه المبادئ إلا أن الاختيار منها بما يلاءم طبيعة وظروف المنشأة يعتمد بالدرجة الأولى على مهارة وكفاءة المصمم. كما أن المبادئ لا تقف عند حدود تصميم النظام فقط بل تتجاوز ذلك لتغطي أداء العملية الرقابية بما يحقق فعالية التطبيق .وفي ضوء هذا المفهوم سوف نتناول أهم المبادئ والاعتبارات اللازمة لإيجابية الرقابة على الوجه الآتي:
1 – مبدأ الملائمة:
يعبر هذا المبدأ عن أهمية أن يكون النظام الرقابي انعكاسا لطبيعة نشاط المنشاة، ومتلائماً مع طبيعة التنظيم وأهدافه. وهذا يعني أن النظام الرقابي يختلف باختلاف نوعية المنشأة. وحتى بالنسبة للمنشأة الواحدة يتباين طبقاً لمراحل تطورها وطبيعة الظروف والمناخ التي تعمل فيه. فمثلاً النظام الرقابي في منشأة صناعية قد يختلف عن النظام في منشأة تجارية أو خدمات، كذلك يختلف النظام طبقاً لمراحل تطور المنشأة الواحدة فإذا كانت المنشأة صغيرة الحجم فقد يلائمها نظام رقابي بسيط ويحقق الفعالية المرجوة، ولكن بعد نموها وازدياد حجمها قد يصبح هذا النظام قاصراً ، مما يتطلب نظاماً أكثر تطوراً وتعقيداً ومدعماً بالأساليب الرقابية المتقدمة مع الاستعانة بالآلات الحديثة . أيضاً نجد المنشأة التي تتعامل في نطاق جغرافي محدود قد يلائمها نظام يختلف عن النظام الرقابي المناسب لمنشأة تتعامل في عدة مناطق جغرافية وتعمل في السوق ا لي والسوق الخارجي في نفس الوقت.
إن النظام الرقابي الشامل للمنشأة يضم أنظمة فرعية تحقق كل منها هدف معين، وإنجاز هذه الأهداف بكفاءة يؤدي إلى تحقيق الهدف الرئيسي للنظام الشامل. إن هذه الحالة تفرض ضرورة تناسقالأنشطة الفرعية مع بعضها البعض، والتي تكون في مجموعها النظام الشامل، ولكمن التناسق لا يعني التماثل بينها فمثلاً نظام رقابة الجودة ، يختلف بالضرورة عن نظام مراقبة المخزون أو مراقبة المبيعات أو الرقابة المالية.
ويرتبط بهذا المبدأ أيضاً ضرورة أن يتلاءم النظام مع كل مستوى من المستويات الإدارية التي يخدمها ويعاونها في مهمة الرقابة ، ومن الطبيعي أن تختلف المعلومات الرقابية التي تحتاجها الإدارة العليا عن التي تحتاجها الإدارة المتوسطة أو المباشرة .
إن فعالية النظام الرقابي تفرض أن يرتبط بالأهداف الرئيسية التي تسعى إلى تحقيقها المنشأة. ولكن مراعاة ذلك عملياً يتطلب من مصمم النظام أن يقوم بدراسة الأهداف طالما أن التنظيم يضم شبكة معقدة من الأهداف التي يصعب أن يغطيها النظام الرقابي. بل محاولة تغطيتها كاملة بالرغم أن ذلك يمثل افتراضاَ نظرياً بحتاً يؤدي إلى تعقيد النظام وارتفاع تكلفته والتي قد تتعارض مع مبدأ الاقتصادية الواجب مراعاته أيضًاً، ولذلك يجب أن يقوم بدراسة الأهداف لتحديد أكثر الأهداف تأثيراً على التنظيم ككل ، وفي ضوء هذا التحديد يتم تصميم النظام ، إن هذا المنهج يجعل النظام يتفادى إغفال أهداف رئيسية أو يركز على أهداف فرعية فقط . توجد أمثلة كثيرة في الواقع العملي تبرز هذه النقطة فمثلاً في شركات الأدوية يكون هدف الجودة ذو أهمية كبيرة في بقاء واستمرارية المنشأة، ولذلك نجد نظام الرقابة يركز على هذا الهدف بالدرجة الأولى ، وكذلك الرقابة على وزن الطائرة في شركة الطيران ، وسرعة أداء الخدمة في البنوك ، وتدعيم الثقة بين البنك وعملائه ، …… الخ .
2- مبدأ التكامل:
يرتبط هذا المبدأ بعملية التكامل بين النظام الرقابي والتنظيمباعتباره يمثل النظام الشامل للمنشأة. إن أهمية التكامل ترجع بسببأن نظام الرقابة يمثل نظاماً فرعياً من النظام الشامل للمنشأة، وبالتالي يجب أن يرتبط بالهدف الرئيسي للنظام الشامل، ويتكامل مع الأنظمة الفرعية الأخرى بما يحقق التفاعل المطلوب بين أجزاء النظام ويتطلب تكامل نظام الرقابة مع التنظيم أن يراعى عند تحديد مراكز المسئولية عن النتائج أن تكون هي نفسها مراكز اتخاذ القرار في التنظيم، وهذا يعني أن يكون كل مدير يمثل مركز مسئولية في نظام الرقابة ، وأن تتوفر لهم السلطات في التحكم في المدخلات والتي على ضوئها يتم محاسبتهم عن المخرجات . كذلك يراعى أن يكون هناك معايير دقيقة تسمح بدقة القياس والمقارنة للنتائج لكل مركز مسئولية .وأن يتم انسياب المعلومات الرقابية من خلال خطوط الاتصال في التنظيم، وتتدفق بالسرعة التي تمكن متخذ القرار بالتصحيح في الوقت المناسب.
إن تحقيق هذه الاعتبارات في الواقع العملي ليس بالأمر السهل ويحتاج إلى مهارة وخبرة من المصمم حتى يحقق التكامل المطلوب، وفي نفس الوقت من الضروري أن تتم لفعالية النظام.
3- مبدأ الاقتصادية:
يعد شرط الاقتصادية مبدأ حيوي عند بناء كافة الأنظمة، وهو أمر جوهري عند وضع نظام الرقابة لتحديده لنطاق الرقابة والمجالات الواجب تغطيتها، ودرجة المرونة المناسبة في الأداء. ويقصد بالاقتصادية أن يكون العائد الناجم من الرقابة يفوق تكلفة النظام الرقابي، وبالرغم من بساطة فكرة هذا المبدأ إلا أن توفيره في نظام الرقابة أمر غاية في الصعوبة لظهور عقبات في عملية تحديد العائد في كثير من الحالات ، وتحديد نطاق ومجالات الرقابة لارتباطها بمناخ العمل ، والذي يحكمه عديد من العوامل والمتغيرات سواء داخلية أو خارجية. ويحتاج مراجعة هذا المبدأ من المصمم دراسة كافة الأنشطة التي تمارسها المنشأة وعلاقتها بالأهداف الرئيسية المرجوة. وتحديد النتائج والأضرار المترتبة على الخطأ في ممارستها، وأثرها على درجة تحقيق الأهداف العامة. ويترتب على هذه الدراسة تحديد المصمم الجوانب والأنشطة الإستراتيجية التي تكون محل اهتمام النظام ومحورتركيزه، والنقاط الأخرى التي لا تحتاج إلى هذا العمق في الرقابة ، والجوانب الممكن التغاضي عن مراقبتها لعدم خطورتها ، أو أن تكلفة مراقبتها تتجاوز تكلفة المخاطر الناجمة من الخطأ في أدائها.
كذلك يترتب على هذه الدراسة أيضاً تحديد المدى الذي يكون فيه الانحراف مقبوًلاً، وبالتالي لا يخضع للدراسة والتحليل تفادياً للوقت والجهود وما يرتبط بهما من تكلفة دون مبرر. إن توفير الدقة والموضوعية في هذه الدراسة تتطلب استعانة المصمم بالأساليب العلمية المتطورة التي تساعده في تحديد نطاق الرقابة على أسس سليمة.
وتتعقد مهمة المصمم في الواقع الفعلي عند محافظته على شرط الاقتصادية بسبب أن أهداف المشروع في حالة تغير مستمر، وهذا يؤدي إلى أن النشاط الهام اليوم قد لا يكون بنفس الأهمية في الغد ، وهذا يلقي عبئاً جديداً عليه بضرورة المراجعة المستمرة للعوامل الإستراتيجية وتعديلها إذا ما تغيرت الظروف والتي تستدعي ذلك .
1- مبدأ الاستثناء:
يرتبط هذا المبدأ بشرط الاقتصادية السابق تناوله، وبالتالي يترتب على مراعاة هذا المبدأ في النظام الرقابي تحقيق مبدأ الاقتصادية وفي نفس الوقت توفير مرونة الأداء التي تسمح بتدفق العمل وانتظامه وتخفيف الآثار السلبية والتي تؤدي إلى رد فعل سيء المدى المنفذين في التنظيم.
يعبر هذا المبدأ على ضرورة الرقابة بالاستثناء طالما من الصعب مراقبة كل شيء في التنظيم. ولذلك يتم التركيز في الرقابة على الأنشطة والمجالات التي تكون أكثر تأثيراً على المنظمة ككل، كذلك التركيز على الانحرافات الشاذة عند عملية التصحيح، وبالتالي لا داعي لتناول الانحرافات العادية التي تربط بطبيعة الأداء وليس لها آثارسلبية على درجة تحقيق الأهداف ا ددة.
يحقق تطبيق هذا المبدأ فوائد عديدة تنعكس على فعالية الرقابة واقتصاديتها وبساطة ووضوح النظام، وفي نفس الوقت تتوفر المرونة في الأداء، وتقل جوانب السلوك السلبية من المنفذين تجاه النظام، بالإضافة إلى إتاحة الوقت للمدير للتركيز على المسائل الحيوية بدلاً من إغراقه في تفصيلات لا جدوى من أن يتناولها بنفسه.
1-مبدأ الضرورة والتلازم:
يؤدي التخطيط إلى تحديد الأهداف والكيفية اللازمة لبلوغها خلال فترة زمنية مقبلة. وبالتالي الجهد المبذول في التخطيط لن تكون له فائدة إذا لم تكن هناك رقابة تظهر درجة تحقيق هذه الأهداف، والأسباب وراء عدم تحقيقها مما يسهم في إعادة عملية التخطيط مرة ثانية بدقة وفعالية.
ويترتب على هذا المفهوم أن الرقابة ضرورة للتخطيط فلا يمكن التحقق من الخطط دون الرقابة، ولا يمكن تخيل ممارسة الرقابة دون وجود معايير رقابية.
ويرتبط بهذا المفهوم جانب آخر يتعلق بأهمية التلازم بين الوظيفتين إذا ما كانت هناك حاجة إلى إنشاء أجهزة تعاون المدير في مهمتي التخطيط والرقابة. ولذلك إذا ما ظهرت هذه الحاجة فمن الضروري أن تكون الوظيفتان في جهاز واحد حتى يمكن لأخصائي الرقابة تفهم الخطط والمعايير التي تمثل الأساس لممارسة وظيفته. كما أن ذلك يعاون أخصائي التخطيط في تفهم نتائج الرقابة بما يعاونه في وضع الخطط عند ممارسته لإعادة التخطيط للفترات التالية.
إن طبيعة هذا المبدأ ترتبط بمبدأ التكامل السابق الإشارة إليه ، وتفرض عناية خاصة من المصمم عند مراعاة التكامل بين وظيفتي التخطيط والرقابة بما يحقق فعالية الممارسة لكل منهما .
1-مبدأ السرعة:
تتوقف فعالية نظام الرقابة على عامل الوقت الذي يوفر السرعة في التغذية العكسية التي تسمح باكتشاف الانحرافات بمجرد ظهورها وقبل تفاقم أضرارها، كما يرتبط بذلك سرعة تحليل الانحرافات غير العادية واتخاذ الإجراءات التصحيحية المناسبة لمعالجتها. ويتطلب مراعاة هذا الجانب وجود نظام للتسجيل الفوري لنتائج التنفيذ، وألا يستغرق وقت طويل بين عملية المقارنة والتقييم والإجراءات التصحيحية لمعالجة الانحرافات غير المقبولة.
إن توفير ذلك يحتاج إلى نظام متطور للمعلومات يحقق سرعة التغذية العكسية، ويوفر المعلومات الرقابية بشكل متكامل، وأن تتيح هذه المعلومات لمتخذ القرار سرعة اتخاذ الإجراءات المناسبة لتحقيق التوازن المطلوب، ومن الطبيعي أن تحقيق ذلك يتطلب الاستعانة بالآلات الحديثة التي تسهل عملية التسجيل للأداء الفعلي، وتعاون في عملية المقارنة والتحليل، مع ضرورة وجود إجراءات نظامية تحدد أساليب الاتصال ووقت حدوثه، ونوعية وأشكال التقارير ووقت تقديمها إلى متخذي القرارات.
1-مبدأ المرونة:
يعتبر هذا المبدأ من المبادئ العامة الواجب مراعاتها عند تصميم كافة الأنظمة وتزداد أهميته عند تصميم نظام الرقابة. ويعبر هذا المبدأ عن قدرة النظام الرقابي في مواجهة التغيرات المتوقعة الحدوث دون أن يكون هناك حاجة إلى إجراء تعديل جوهري في النظام. ولكن يجب أن يكون واضحاً أن المرونة لها حدود معينة، وبالتالي يجب تحديدها بدقة بما يوفر سرعة تكيف النظام مع الأحداث المستجدة دون أن يفقد الاستقرار اللازم لفعاليته وبقاؤه.
1- مبدأ الاعتبارات الإنسانية:
يترتب عل الرقابة آثار على العاملين في التنظيم، وتتباين هذه الآثار من إيجابية أو محايدة أو سلبية، إن التصميم السليم للنظام يعني زيادة الآثار الإيجابية وتقليل الآثار السلبية إلى أقل حد ممكن. ولكن توفير ذلك في الواقع الفعلي أمر بالغ الصعوبة لوجود مقاومة طبيعية من المنفذين تجاه أنظمة الرقابة لنظرتهم إليها على أنها وسائل ضغط في يد المدير عليهم. إن تخفيف هذه الآثار السلبية يحتاج من المصمم دراسة دقيقة لكافة العوامل التي تخلق هذه الحالة ،ثم وضع الأسس والأساليب التي تحد من تأثيرها. ومن بين هذه الأساليب إشراك المنفذين في وضع المعايير الرقابية حتى تكون ملائمة لظروف التنفيذ الفعلي، واستخدام مبدأ الرقابة بالاستثناء بحيث لا يتم محاسبة المنفذين عن الانحرافات العادية التي لا تؤثر على تحقيق الأهداف المرجوة. وإمداد المنفذين بوسائل الرقابة الذاتية التي تمكنهم من معرفة موقف أدائهم أول بأول وتصحيحه في حالة عدم تطابقه مع المعايير الموضوعة. وأن يتم وضع النظام الرقابي بحيث يسمح بتدفق العمل، ويتيح للمنفذين المرونة في الأداء. وهذا يعني تركيزه على الجوانب الاستراتيجية، وعلى النتائج أكثر من الوسائل.
وبجانب ما تقدم يجب تدعيم مفهوم التعاون بين أخصائي الرقابة والمنفذين بحيث يكون الهدف الرئيس هو تقديم العون لهم لأجل تصحيح مسارات الأداء، وهذا يعني ضرورة أن يقوموا بمهمة الإرشاد الفعال للمنفذين، ولا داعي لإظهار الانحرافات بصورة تمثل عنصر ضغط على المنفذين، وإذا كان من الممكن التصحيح دون حاجة لمعرفة المستوى الأعلى فيجب معاونة أخصائي الرقابة للمنفذين في تحقيق ذلك مما يخلق حالة من التفاهم والتفاعل بينهم.
*مبدأ البساطة والوضوح:
من الضروري أن يكون النظام الرقابي واضحاً وبسيطاً بما يحقق سهولة الفهم لمن سيطبقونه والذين سيطبق عليهم، والذين سيتولون الإجراءات التصحيحية المناسبة. وبالرغم من صعوبة تحقيق ذلك مع الرغبة في تحقيق الشمولية والدقة عند تصميم النظام، إلا أن ذلكيمثل عنصر حيوي لفعالية بقاؤه.
ويرتبط توفير البساطة والوضوح في النظام الرقابي بجوانب عديدة مثل مكونات النظام وأساليبه، وطريقة عرض المعلومات الرقابية، ومجالات الرقابة والانحرافات ونوعياتها، وحدود المسئولية عنها وما يجب أن يتم في تصحيحها، ودرجة التكامل بين النظام والتنظيم والأنظمة المختلفة في المنشأة .بجانب ذلك يراع توفير الأخصائيين الأكفاء مع تدريبهم على كيفية تشغيل النظام وتهيئة الإدارة لتفهم النتائج المترتبة على تطبيقه، وتوعيه العاملين بدوره وأهدافه والتي تعاونهم في ترشيد الأداء بما يحقق المنفعة لهم وللمنشأة ككل.
*- مبدأ الشمولية:
قد يتعارض هذا المفهوم مع مبدأ البساطة والوضوح ومبدأ الاقتصادية، وهذا يفرض أهمية تحقيق التوازن بينهما بما يحقق الفعالية في النظام. ويرتبط هذا المبدأ بالأشكال المختلفة للرقابة بحيث يراعي الارتكاز على الأشكال الضرورية للرقابة سواء على أساس الأهداف والخطط الطويلة الأجل أو على أساس المعايير ا ددة ،والرقابة قبل الأداء وأثناء التنفيذ وبعد إتمامه .وكذلك يتناول مجالات الرقابة ولا يقصد بالشمول هنا تغطية كافة الأحداث في المشروع بل يجب التركيز على الجوانب الهامة التي لها تأثير واضح على أهداف المنشأة الرئيسية. ولكن المقصود بالشمول أن يتم تغطية كافة النتائج الهامة وليس التي يسهل قياسها فقط، وهذا يؤدي إلى تغطية الرقابة للنتائج المادية وغير الملموسة أيضاً، وتغطية المدخلات والمخرجات للمواقف المختلفة.
*- مبدأ النظرة للمستقبل:
يراع أن يرتبط نظام الرقابة بالمستقبل أكثر من الماضي بحيثيقوم على أسس التصحيح بدلاً من العقاب فقط ،والتي ترتكز عليه معظم أنظمة الرقابة التقليدية. معنى هذا أن الرقابة يجب ألا تنظر إلى الماضي والحاضر فقط بل يجب أن تبرز الاتجاهات في المستقبل. إن قيام النظام على هذا المفهوم يؤدي إلى تحقيق النظام لأهدافه المرتبطة بتصحيح المسارات، ويقلل من تكلفة العلاج للأخطاء، ولتقليل الأخطاء المتوقع حدوثها إلى أقل حد ممكن، ويوفر له الدعم والتأييد من المنفذين أو يقلل على الأقل من مقاومتهم العنيفة التي تعوق من استقراره وتقدمه.
*- مبدأ توفر أخصائي الرقابة الأكفاء:
من الضروري توفر الأفراد الأكفاء لتشغيل النظام وتطويره ،لأنه لا يكفي دقه النظام لفعاليته، بل يجب التحقق من كفاءة تشغيله، وهذا لن يتحقق بدون وجود أخصائي الرقابة الأكفاء. إن توفير الأخصائيين الأكفاء لا يعني بالضرورة تعيينهم بصفة دائمة في المنشأة ،بل من الممكن استخدام بعض منهم كجزء من الوقت فقط إذا ما كانت الحاجة لا تفرض ضرورة وجودهم باستمرار، أو أن هناك نوعيات معينة يصعب على المنشأة تحمل أعباء تكلفتهم المرتفعة. فمثلاً ٠من الممكن للمنشأة أن تستعين بخبير خارجي لوضع نظام التكاليف أو الرقابة على المخزون أو وضع معدلات الأداء. عموماً يمكن القول أن الحاجة إلى الأخصائيين في التنظيم أصبحت حقيقة واقعة في معظم منشآت الأعمال الكبيرة الحجم، كما أن هذه الظاهرة سوف تزداد بمعدلات أكبر سواء في المستقبل القريب أو البعيد، وستغطي مجالات عديدة وأنشطة مختلفة ومنها الرقابة، ولذلك يجب أن تدرك الإدارة أهمية وأبعاد هذه الظاهرة حتى يمكن مسايرتها في الوقت وبالتكلفة المناسبة. خامساً: التكامل بين الرقابة والوظائف الإدارية الأخرى ترتبط وظيفة الرقابة كوظيفة أساسية من وظائف المديروتتكامل مع بقية الوظائف الإدارية الأخرى )تخطيط، تنظيم ،توجيه(. فمن خلال ممارسة المدير لوظيفة التخطيط يتم صياغة مجموعة محددة من الخطط والمعايير، ومن خلال ممارسته لوظيفة التنظيم يسعى المدير لتحقيق الأهداف، كما أنه من خلال ممارسته لوظيفة التوجيه يتم قيادة وتحفيز المرؤوسين لتحقيق هذه الأهداف، وأخيراً تأتي وظيفة الرقابة لتلازم هذه الوظائف جميعها وتتفاعل معها .فهناك علاقة وطيدة بين وظيفتي التخطيط والرقابة، فالعملية الرقابية تعتمد على المعايير ا ددة لأهداف الخطة في قياس ومقارنة النتائج الفعلية بهذه المعايير لتحديد الانحرافات. وتفيد الرقابة في تحديد الثغرات الموجودة في الخطط، الأمر الذي تتطلب معالجته تعديل في الخطة أو إعادة التخطيط. والتنظيم يحدد السلطات والمسئوليات والاختصاصات والعلاقات للمستويات الإدارية المختلفة بما يساعد العملية الرقابية فنظام التقارير الرقابية يعتمد إلى حد بعيد على نظام الاتصال في المنظمة. والرقابة قد تكشف عن عيوب في التنظيم الحالي وفي خطوط الاتصال مما قد يستدعي إعادة التنظيم.
وتتكامل وظيفة التوجيه ووظيفة الرقابة معاً، فأسلوب التوجيه والقيادة والتحفيز يساعد على تقليل الأخطاء بما يسهل من عملية الرقابة. كما أن نتائج الرقابة تفيد في تحديد نوع الإرشادات المطلوبة للعاملين، وتحديد أوجه النقص في الكفايات البشرية التي تستدعي إشرافاً معيناً يساعد على تحسين الأداء، كما تساعد أيضاً على تطبيق أنظمة الحوافز.
وعندما يتوفر للتنظيم القوى البشرية الكافية والمناسبة ،وعندما ترتفع كفاية العاملين فإن ذلك يساعد على تحقيق أهداف المنشأة وتسهيل الرقابة. كما تساعد الرقابة في تحديد نوع التدريب المطلوب للعاملين، كما تساعد في تحديد مدى كفاية الموارد البشرية المتاحة لتنفيذ الخطط.