أبو منصور الحلاج (أبو مغيث)
بقلم الأستاذ الدكتور عادل خلف عبدالعزيز القليعي أستاذ الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.
فإذا كان عمر بن الفارض قد لقب بسلطان العاشقين فأنا ألقب الحلاج بجمال العاشقين شهيد العشق الإلهي.
هو: الحسين بن منصور الحلاج، المعروف بأبي مغيث، كان جده فارسي مجوسي، نشأ بمدينة واسط وقيل بتستر، وقدم بغداد وهو في الثامنة من عمره، وفيها خالط الصوفية وصحب من مشايخهم الجنيد بن محمد، وأبا الحسن النووي وعمرو المكي وقتل عام 309هجرية.
وترجع تسميته بالحلاج إلي عدة احتمالات.فقيل أنه عندما دخل واسط قدم إلى صاحب محلج فذهب الأخير في شغل ولما رجع وجد كل القطن في حانوته محلوجا فسمي بالحلاج، وقيل أن أباه كان حلاجا فنسب إلى صفة أبيه.
مصنفاته المهمة: كتاب الطواسين ، وكتاب سر العالم والمبعوث، وكتاب نور النور، وكتاب هوهو، وكتاب لا كيف، وكتاب تفسير قل هو الله أحد، العدل والتوحيد،خلق الإنسان والبيان، مدح النبي، كتاب الفناء والبقاء، وغيرها من المؤلفات. فهو لم يدع مجالا من مجالات العلوم لم يتطرق إليها.
مصادر مذهب الحلاج.لا نستبعد القول من أن الحلاج استمد مذهبه في وحدة الوجود من مصادر خارجية فعلى الرغم من أن البسطامي تحدث عن الفناء إلا أن الحلاج كانت له آراء استمدها من خارج الحظيرة الإسلامية،كفلسفات الهند التي زارها.
وإليكم بعض أشعاره الصوفية.
في الحب الإلهي: أنا من أهوي ومن أهوي أنا
نحن روحان حللنا بدنا
فاذا أبصرتني أبصرته
وإذا أبصرته أبصرتنا
وفي حديثه عن الله يقول:
أنت بين الشفاف والقلب تجري
مثل جري الدموع في الأجفان
وتحل الضمير جوف فؤادي
كحلول الأرواح في الأبدان.
هذا هو أبو منصور الحلاج شهيد العشق الإلهي الذي سكر عشقا وذاب شوقا في محبوبه ووصل إلى حال الكشف والوجد والوله والإلهام ووصل إلى أن تمتم بكلمات يعجز عن إدراك فحواها العوام ومن ليس على شاكلتهم فاتهموه بالكفر والإلحاد والزندقة وقتلوه مصلوبا .
وأخبر عن حالهم الإمام الغزالي قائلا فكان ما كان مما لست أذكره
فظن خير ا ولا تسأل عن الخبر .
فالرجل عبر عن حاله مع محبوبه في علاقة خاصة فريدة من نوعها فباح بسره في حال سكره فلما فاق من سكره وعاد إلى وعيه نفى كل هذا الكلام وعلي الرغم من ذلك لم يسلم من الفتك به وقتل مصلوبا. رحم الله عمدة الذاكرين .