مارس د. حاتم رضوان مهنته بإبداع و مهارة ودقة في عرض شيق لكسور روح المجتمع ..
★قام بتشريح النفوس المتعلقة بقشة أمل ، حتى لو كان الأمل “ضاربة ودع” أو قارئة فنجان او سحر عزيزة المغربية لرد الحبيب و العيش في تبات و نبات أو حتى الاستسلام لتجاوزات الشيخ زقطط الدجال السلوكية ..
★في رحلة البحث عن حب او مستقبل أو أمان مفتقد لا فرق بين جهول و عالم ذرة ..
في هذا العالم صفوف طويلة من الفنانين والساسة ورجال الأعمال و النساء .. السيارات الفارهة تنتظر دورها للتبرك و البوح للشبخ وشهبندر الجان ..
★المشاهد تتصاعد و تتلاحق في رحلة الجموح والاغتراب و أيضا في الحلم المتواضع بالرزق ..
الجميع في انتظار رضا الأولياء الذين حبسوا أجسادهم في عباءة الدين و احتلوا ساحات الواقع العربي من أقصى شمال أفريقيا حتى نجوع و قرى المحروسة ونالوا قدرا عظيما من رغد القصور .. تربح الشيوخ و تربعوا على قمم الفضائيات و التواصل الاجتماعي ..
★تتكاثر ذرية “علي بن حمدوش” و”العمري” و”صفوان” بقوة ويتكاثر “علي الشريف” بالانقسام على “الميديا”
فيدهش الجميع بقدراته الخارقة على حل جميع المشاكل ، وتنتفخ بطون الأسياد الجن والشياطين بالمال و العطايا ، رحلة سلب العقول و قهر الإرادة ، وضخ روح الإثم و الرذيلة إلى الأوردة في علاقة محرمة، تحت ضغط كل نقاط الضعف الإنساني ..
★في زاوية الشيخ يشتعل البخور ، اللبان والملح ، تنفجر عين العفريت ، تتصاعد سحابات الحشيش ، و تتحد الحواس حد الغياب ، لتبدأ انتهاكات الروح والجسد في بوتقة الشذوذ والاغتصاب خلف الأسوار الشاهقة وأبواب محكمة في صمت مطبق .
★في الحضرة تمتزج الأحلام الباعثة بالعرق ورائحة الدم ، ينطلق الألم البشري ، تتهاوى القامات في فوهة بركان الهوس ، فتفقد النسوة بقايا الفضيلة و البنات تفقد براءتها و الرجال بلا إرادة ، عسى أن يغادر الشيطان العاشق الأجساد بعد تقديم فروض الولاء و الطاعة دون أدنى تذمر أو استفهام أو اعتراض ..
★ملايين الجنيهات و الدولارات تلقى تحت أقدام الجان في خلوة الأولياء و الشيوخ مقابل تمائم و احجبة ، ومسك و زعفران لمنع السرقة و الانتقام و الخراب ، لجلب الحبيب و الإنجاب ، و زواج البنات ..
★زاوية الشيخ رواية مكتملة الأركان تتصاعد فيها الدراما و تكتمل المشاهد و الأحداث والحوار بتقنية إبداعية ذكية .. يعري الكاتب جسد المجتمع ، ينزع ثيابه المهترئة قطعة إثر قطعة في عرض مدهش في خلفية موسيقية كثيفة الدخان و التهليل و الأنين ..
★هل تنتظر زاوية الشيخ منتجا و مخرجا نجيبا لتعتلي الشاشة الفضية ؟!
هي بمثابة حملة توعية للنجاة من أمراض الواقع المعاش ، ربما تسفر عن إفاقة المجتمع ..
★الرغبة ، الفضول ، السعي الجارف نحو المجهول والعوالم الخفية ، الرهبة و ضجيج الدفوف ، و الهاءات والآهات التي يتمخض عنها الزار و الحضرة .. مفردات تفرض سلطانها ..
★في ظل واقع ملبد بالغيوم و الفقر و الجهل والغربة، يساورني هاجس أن أبحث عن نسل الشيخ و أتباعه هربا من كابوس الحياة ، حتما في لحظات الضعف الإنساني والفقد سيكون الشيخ و زاويته ملاذا حين يفشل العلماء والساسة و الأطباء في تحقيق الأمان المجتمعي ..
★امتناني و احترامي للدكتور حاتم رضوان وعالمه السردي الممتع الذي زج بحواسي في بحور الشغف والدهشة ..