تنظم دار بتانة للنشر برئاسة الدكتور عاطف عبيد، في السادسة من مساء الخميس المقبل، بمقرها الجديد بميدان الفلكي بالقاهرة، حفل توقيع ومناقشة رواية “مكاكي دي أفريكا” القرد الإفريقي، للكاتب والروائي مختار سعد شحاتة.
يدير المناقشة الروائي والصحفي طارق إمام، ويناقشها الدكتور شوكت المصري أستاذ مساعد النقد الأدبي بأكاديمية الفنون، والناقد الدكتور سيد ضيف الله.
ونشر المؤلف من روايته:
“رفع رأسه بصعوبة، كانت عيناه حمراوتين للغاية، وبشرته السمراء تلمع باللون البرتقالي، وبهدوء أجابهما أنه بخير، لكنه شعر بالدوار فجأة، واعتذر لهما، ثم طلب من كاميلا أن تريه المخطوط من جديد، وراح يقرأه بصوت عال:
“أجابني جراندي آدولاه، وقال: كان ألفا أحمد هو معلمنا، ولولا ما يطلبه من مال لقاء إعلان الواحد منا إسلامه، لكان خلق كثر دخلوا الدين الحنيف، وحين وصلنا إلى حضرة الشيخ في الوابور التركي، قلنا له، فاقبل منا يا ألفا عبدو الرحمن الريالات الوضيعة تلك، وعلمنا لوجه الله، وهذه أيادينا نحن الماليزم نمدها لك؛ اقبلنا تلاميذ حضرتك يا سيدي الشيخ، واستر علينا من عسكر البورتكيز، يكفي ما حدث لنا منذ تمردنا قبل سنوات، أرجوك اقبل الريالات وأدخلنا إلى الإسلام واستر علينا، فإنا كُنا نظن أنْ لا مسلمين على وجه الأرض غيرنا وبقية من أهالينا من الهوسا والنوبي وغيرهما، أستحلفك لا تردنا يا ألفا عبدو الرحمن، لقد أرسلك الله لنا، نحن أولاده المساكين، و لولا أن الوابور ضلَّ طريقه في البحر العظيم، ما جئتنا يا شيخ عبدو الرحمن، ولا نجونا من لؤم وخسة ألفا أحمد الطنجي، نرجوك اقبل هذا المال؛ لعل الله يقبل دخولنا دين الإسلام. لا ترفض يا شيخ عبدو الرحمن، نحن الفقراء إلى الله نرجوك”.
انتهى محمد مصطفى من القراءة، تدريجيًا عاد إلى حالته الطبيعية، ثُم رفع رأسه وبدا أن عينيه تعود تدريجيًا إلى لونهما الطبيعي، وسأل كاميلا:
– هل يوجد في المكتبة أي أوراق أخرى تشبه هذا المخطوط؟
– لا أعرف، الحقيقة لم أهتم بالبحث، لكن أظن في الأرشيف مخطوطات كثيرة، لكنها بحالة غير جيدة، وأذكر أننا قبل عامين حين كُنا نعيد ترتيب الأرشيف، أعطينا بعض المخطوطات نفس رقم هذا المخطوط. انتظراني قليلاً.
عاد محمد مصطفى ينظر إلى المخطوط بعناية، وبدأ يقربه من أنفه ويتشممه كقط، بينما فريدة ظلَّت إلى جواره واقفة، تمسد رأسه وتسأله إن كان كل شيء على ما يرام. دون أن يرفع رأسه عن المخطوط مدَّ يده إلى يدها على رأسه وأمسكها، وقال بأن كل شيء على ما يرام.
– لا داع للقلق يا فريدة، عائلتنا كلها مشهورة بمثل هذه الحالة، يبدو أنه نوع من الصرع أو خلل في الجينيات.
رفع رأسه وابتسم لها، وسحب يدها الأخرى وقبَّلها، وكان لحظتها في عين فريدة هو نفسه مصطفى عبد الرحمن.
– لا تخافي يا فريدة، لستُ مستعدًا للموت الآن.
من أين له أن يتشابه كل هذا الشبه مع مصطفى عبد الرحمن؟! حتى نفس الجملة التي قالها الآن، قالها مصطفى قبل سنوات طويلة في القاهرة. كان أمضيا يومًا طويلاً في المواصلات بين القطارات وسيارات الأجرة، وصولاً إلى دير “العدراء” في جبل الشرقي بحي الكوثر في أخميم”.